فقال الملك: «ولكنك لن تستطيع تخليص سدوم».
فأجابه لوط قائلا: «أعرف ذلك ولكني سأحاول. لقد كنت قاسيا عليهم طول حياتي وحملت معهم أثقل أعبائهم وهو طغيانهم، ولكني يا ربي لست أقدر على التعبير عن مكانهم في قلبي وقصاراي أن أمكث معهم».
فقال الملك: «إن قومك هم الصالحون الذين يؤمنون بالرب الذي تؤمن به أما أهل الخطيئة والشر وعبدة الأوثان فليسوا من قومك».
فقال لوط: «كيف لا يكونون قومي وهم أهل سدوم، إنك لا تدرك معنى ما أقول لأنك لا تسمع إلى صوت الدم والأرض، تقول عن سدوم إنها مدينة الإثم والشر، ولكن أهل سدوم عندما ينفخ بوق الحرب لا يقاتلون من أجل إثمهم وشرهم، بل يقاتلون من أجل أشياء ثمينة، حتى أشرارهم يستطيعون أن يموتوا من أجل الغير؛ فسدوم هي كل شيء، وإذا كان الله يرى في بعض المزايا فليعزها إلى سدوم لا إلي وماذا أن قائل بعد هذا؟ ألا قل لربك: إن عبدك لوط قد وضع نفسه بين رجال سدوم يدافع عنهم ويحميهم منك أنت كأنك عدوه.
فصاح به الملك: «قف ما أفظع خطيئتك ولكن الله لم يسمعك، قم واستعد لترك المدينة وانج بزوجتك وابنتيك».
فتفجرت عينا لوط بالدموع وقال: «أجل يجب أن أنجيهم، أنت محق في هذا أرشدني».
ولكنه تلكأ، فأخذه الملكان من ذراعيه وأخذا زوجته وابنتيه وقادوهم إلى الخارج؛ وذلك لأن الله كان يرحم لوطا.
فلما خرج لوط بأهله صلى قائلا: «كل ما بي من حياة فهو من سدوم، فلحمي من أرضها ولغتي هي لغة رجالها ونسائها، وما لعنت هؤلاء الرجال والنساء مرة إلا وأنا أقبلهم، أجل يا سدوم إني أراك عندما أغمض عيني لأنك كائنة في نفسي كما كنت أنا كائنا فيك. سدوم. سدوم ألست أجمل بلاد العالم؟
لو أني رأيت نافذة من نوافذ بيوتك عليها غطاء من الكتان لعرفتك منها وقلت هذه نافذة بيت من بيوت سدوم، إني كالكلب يؤخذ من صاحبه ويبعد عنه فيضع أنفه في التراب فيشم رائحة صاحبه، إني أؤمن بالله ونواميسه ولم أؤمن بك سدوم ولكنك كائنة، أما البلاد الأخرى فظل زائل لست أرتاح إذا جلست إلى حائط من حيطانها أو شجرة من أشجارها.
إني أؤمن بالله لأنه رب سدوم فإذا ذهبت سدوم فسيذهب إيماني. «أبواب سدوم. إلى أين أذهب عنك؟ وفي أي فراغ أضع قدمي؟ أجل ليس تحت قدمي أرض فإنا أقف وكأني لست أقف، اذهبن عني يا بناتي فلست أقدر على أن أسير أكثر مما سرت».
अज्ञात पृष्ठ