أما من اقترن انتماؤه لقبيلته بتعصب لقبيلته وتبرير أخطائها والهجوم على القبائل الأخرى وتناسى فضائلهم فهذه عصبية لا يرتضيها الإسلام. إذن فالمذاهب كالقبائل ليس في المذهب ولا في القبيلة خير محض ولا شر محض، وإنما يزداد الخير بزيادة الدعاة له ويزداد الشر بزيادة الدعاة له، كما أن الشر ينقص بقيام عقلاء يذمون الشر وينهون أصحابهم عن العصبية ويبينون لهم أخطاءهم ويكشفون لهم حقيقة الآخرين بأنهم مثلهم فيهم الحسن والسيئ وأن هؤلاء - الآخرين - فيهم الفضل والعلم والخير ما لا يجوز أن ننكره أو نتجاهله، وأن فينا من الأخطاء كذا وكذا مما لايجوز أن ندافع عنه أو ننكره وهكذا... فبهذا الإنصاف المبني على النقد الذاتي إذا شعرت به القبائل الأخرى دفعها هذا التواضع والإنصاف إلى مراجعة مواقفها المتعصبة أيضا.
نعم المذاهب كالقبائل من هذه الحيثيات أما الحقيقة المطلقة فهو الإسلام لا المذهبية فالإسلام هو الذي يجب الانتماء إليه وهو الذي لا يجوز نقد أية جزئية فيه، وهو الذي يجب علينا أن نؤمن بأنه حق كله وخير كله وأن به فلاحنا دنيا وأخرى ، أما المذاهب فليس لها كل هذه القدسية لأنها مبنية على اجتهادات بشرية تتحرى الحق في الجملة لكنها قد تخطئ وقد تصيب ولسنا ملزمين إلا بما وافق النصوص الشرعية.
رابعا:
पृष्ठ 8