وهذا صريح في أنهم لم يظفروا بتصريح الخلاف في هذه المسألة، لكنهم قاسوها؛ وهذا هو الذي بعث صاحب ((البحر الرائق))(1)فذكر الخلاف جزما كما مر نقله(2)، ثم رأيت في ((غنية المستملي)): قال الشيخ كمال الدين بن الهمام: وأقرب ما ينقض كلامه ما وافق عليه أبو يوسف من الفساد بالفتح على غير إمامه، فهو قرآن، وقد تغير إلى وقوع الفساد به بالعزيمة.انتهى.
وهذا صريح في أن المسألة التي نحن فيها اتفاقية، وهو الأصح، وأفاد قول الكمال: أقرب ما ينقض ...الخ، أن قول أبي يوسف قد ينقض بغيره أيضا وهو ما ذكره قاضي خان في ((فتاواه)): من أنه لو كان عنده رجل يسمى بيحيى فقال المصلي: { يايحيى خذ الكتاب بقوة } (3) أو كان هناك رجل مسمى بموسى فقال: { وما تلك بيمينك يا موسى } (4)، إن قصد به قراءة القرآن لا تفسد صلاته بالاتفاق، وإن قصد به الخطاب تفسد في قولهم جميعا. انتهى(5).
والحاصل أن أبا يوسف لم يخالف الطرفين في المسألة التي نحن فيها،
فهي إتفاقية، ولو ثبت خلافه فيها كخلافه في نظائرها، فهو منقوض بمسألة الخطاب بقوله: { يا يحيى } حيث حكم أبو يوسف أيضا هناك بالفساد.
ومع قطع النظر عن كونه منقوضا، الفتوى إنما هي(6)على قول الطرفين لا على قوله كما ذكره العيني في مواضع من شرح ((الهداية)).
بقى ها هنا أمر آخر، وهو أنهم بأجمعهم ذكروا أن فساد صلاة الفاتح في ما نحن فيه ونظيره؛ إنما هو إذا أراد الفاتح الفتح.
पृष्ठ 24