بسم الله الرحمن الرحيم وبه استعين اللهم إني أحمدك والحمد من نعمائك، وأشكرك والشكر من عطائك وأصلي على خير أنبيائك، وسيد أصفيائك، وخاتم رسلك، أبي القاسم محمد بن عبد الله وعترته الطاهرين.
وأسألك أن تصلي عليهم وعلى جميع أنبيائك، وأن تيسر لنا طاعتك لننتظم في سلك أوليائك، ونعد في زمرة أحبائك وأن ترزقنا عونك على جميع مقاصدنا التي لا تخرج عن مرضاتك في أرضك وسمائك، وتجعل ما عزمنا عليه من تأليف هذه " القواعد والفوائد " عدة وذخرا ليوم لقائك. فإليك توجهنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، فجازنا بأحسن جزائك وأفض علينا سوابغ نعمائك..
पृष्ठ 29
قاعدة
الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
فخرج: العلم بالذوات، والعلم بالأحكام العقلية، وعلم أصول الفقه، وعلم المقلد إذا استند إلى دليل إجمالي، فإنه يقول في كل مسألة:
هذا ما أفتاني به المفتي، وكل ما يفتي به المفتي فهو حكم الله تعالى في حقي. فإنه ينتج: هذا حكم الله تعالى في حقي.
قاعدة
الحكم الشرعي ينقسم إلى الخمسة المشهورة ، وربما جعل السبب والمانع، والشرط، مغايرا لها، كالدلوك الموجب للصلاة، والنجاسة المانعة منها، والطهارة المصححة لها.
وكل ذلك ينحصر في أربعة أقسام: العبادات، والعقود، والايقاعات والأحكام.
ووجه الحصر: أن الحكم الشرعي إما أن تكون غايته الآخرة، أو الغرض الأهم منه الدنيا، والأول: العبادات. والثاني: إما أن يحتاج إلى عبارة، أو لا، والثاني: الأحكام. والأول: إما أن تكون العبارة
पृष्ठ 30
من اثنين - تحقيقا أو تقديرا - أو لا، والأول: العقود، والثاني:
الايقاعات.
قاعدة
العبادات تنظيم ما عدا المباح، فتوصف العبادة بالوجوب، والاستحباب والتحريم، والكراهة.
كالصلاة المنقسمة إلى الواجبة والمستحبة، وإلى صلاة الحائض، وإلى الصلاة في الأماكن المكروهة، والأوقات المكروهة.
والصوم المنقسم إلى الأربعة، كصوم رمضان، وشعبان، والعيد والسفر.
وأما العقود فهي أسباب تترتب عليها الأحكام الشرعية من الوجوب والندب، والكراهة، والتحريم، والإباحة.
فان عقد البيع - مثلا - يوصف بالإباحة. ويترتب على البيع الصحيح وجوب التسليم إلى المشتري والبائع في العوضين، وتحريم المنع منه، وإباحة الانتفاع، وكراهة الاستحطاط بعد الصفقة ، واستحباب إقالة النادم.
وتلحق أيضا الأحكام الخمسة نفس العقد وإن كان سببا، فيجب البيع عند توقف الواجب عليه، كايفاء الدين، ونفقة الواجبي النفقة، والحج به، وصرفه في الجهاد.
पृष्ठ 31
ويستحب البيع عند الربح إذا كانت السلعة مقصودا بها الاسترباح وقصد بذلك التوسعة على عياله، ونفع المحتاج.
ويحرم البيع إذا اشتمل على ربا، أو جهالة، أو منع حق واجب كبيع راحلة الحاج إذا علم عدم إمكان الاستبدال، وبيع المكلف ماء الطهارة إذا علم فقده بعده.
ويكره البيع إذا استلزم تأخير الصلاة عن وقت الفضيلة ويباح حيث لا رجحان ولا مرجوحية.
وتلحق أيضا الأحكام الخمسة بمقدمات العقد، فالوجوب: كوجوب العلم (في العوضين) .
والتحريم: كالاحتكار، والتلقي، والنجش عند من حرمهما .
والكراهة: كالزيادة وقت النداء والدخول في سوم المؤمن.
والمستحب: التساهل في البيع، واحضاره إلى موضع يطلب فيه.
والمباح: ما خلا عن هذه الوجوه.
पृष्ठ 32
والايقاعات يترتب عليها ما قلناه في العقود.
وأما المسماة بالأحكام فالغرض منها إما بيان الإباحة، كالصيد، والأطعمة، والإرث، والاخذ بالشفعة.
وأما بيان التحريم، كموجبات الحدود والجنايات، وغصب الأموال .
واما بيان الوجوب، كنصب القاضي، ونفوذ حكمه، ووجوب إقامة الشهادة عند التعين، ووجوب الحكم على القاضي عند الوضوح.
وأما بيان الاستحباب، كالطعمة في الميراث، وآداب الأطعمة والأشربة والذبائح، والعفو في حدود الآدميين وقصاصهم ودياتهم.
وأما بيان الكراهة، كما في كثير من الأطعمة والأشربة، وآداب القاضي.
قاعدة
لما ثبت في علم الكلام أن أفعال الله تعالى معللة بالاغراض، وأن الغرض يستحيل كونه قبيحا، وأنه يستحيل عوده إليه تعالى، ثبت كونه لغرض يعود إلى المكلف، وذلك الغرض إما جلب نفع إلى المكلف أو دفع ضرر عنه، وكلاهما قد ينسبان إلى الدنيا، وقد ينسبان إلى الآخرة، فالأحكام الشرعية لا تخلو (عن أحد) هذه الأربعة. وربما اجتمع في الحكم أكثر من غرض واحد، فان المتكسب لقوته وقوت عياله الواجبي النفقة أو المستحبي النفقة إذا انحصر وجهه في التكسب،
पृष्ठ 33
وقصد به التقرب، فان الاغراض الأربعة تحصل من تكسبه. أما النفع الدنيوي (فلحفظ النفس عن) التلف. وأما الأخروي فلأداء الفريضة المقصود بها القربة. وأما دفع الضرر الأخروي فهو اللاحق بسبب ترك الواجب. وأما دفع الضرر الدنيوي فهو الحاصل للنفس بترك القوت.
قاعدة
كل حكم شرعي يكون الغرض الأهم منه الآخرة، إما لجلب النفع فيها، أو لدفع الضرر فيها، يسمى عبادة أو كفارة.
وبين العبادة والكفارة عموم وخصوص مطلق، فكل كفارة عبادة وليس كل عبادة كفارة. وما جاء في الحديث: (الصلوات الخمس كفارة لما بينهن) ، و (ان غسل الجمعة كفارة من الجمعة إلى الجمعة) ، (أن الحج والعمرة ينفيان الذنوب) ، و (أن العمرة كفارة كل ذنب) ، لا ينافي ذلك، فان الصلاة والحج
पृष्ठ 34
يتصور فيهما الوقوع ممن لا ذنب له، كالمعصوم.
قاعدة
وكل حكم شرعي يكون الغرض الأهم منه الدنيا، سواء كان لجلب النفع، أو دفع الضرر، يسمى معاملة، سواء كان جلب النفع ودفع الضرر مقصودين بالأصالة أو بالتبعية.
فالأول: هو ما يدرك بالحواس الخمس، فلكل حاسة حظ من الأحكام الشرعية.
فللسمع: الوجوب، كما في القراءة الجهرية. والتحريم، كما في سماع الغناء وآلات اللهو.
وللبصر: الوجوب، كما في الاطلاع على العيوب، وإرادة التقويم.
والتحريم، كما في تحريم النظر إلى المحرمات.
وللمس: أحكام الوطئ ومقدماته، والمناكحات، ثبوتا وزوالا إذ الغرض الأهم منها اللمس. ومما يتعلق باللمس: اللباس، والأواني، وإزالة النجاسات، وتحصيل الطهارات.
ويتعلق بالذوق: أحكام الأطعمة والأشربة، والصيد، والذبائح.
وهذا في جلب النفع، وإما دفع الضرر المقصود بالأصالة فهو حفظ المقاصد الخمس، كما سيأتي إن شاء الله.
والثاني : هو ما تكون المصلحة مقصودة بالتبع ، فهو:
كل وسيلة إلى المدرك بالحواس أو إلى حفظ المقاصد.
पृष्ठ 35
قاعدة
الوسائل خمس:
أحدها: أسباب تفيد الملك، وهي ستة:
الأول: ما يفيد الملك للعين بعقد معارضة، كالبيع، والصلح، والمزارعة، والمساقاة، والمضاربة.
الثاني: ما يفيد ملك العين بعقد لا معاوضة فيه، كالهبة، والصدقة، والوقف، والوصية بالعين، وقبض الزكاة والخمس، والنذر.
الثالث: ما يفيد ملك العين لا بعقد، كالحيازة، والإرث، وإحياء الموات، والاغتنام، والالتقاط.
الرابع: ما يفيد ملك المنفعة بعقد معاوضة، كالإجارة.
الخامس: ما يفيد ملك المنفعة بعقد غير معاوضة، كالوصية بالمنفعة، والعمرى عند الشيخ (*) ، وابن إدريس (*) .
पृष्ठ 36
السادس: ما يفيد ملك المنفعة لا بعقد، كإرث المنافع.
الوسيلة الثانية: أسباب تسلط على ملك الغير، وهي أقسام خمسة:
الأول: ما يسلط عليه بالتملك قهرا، كالشفعة، والمقاصة للمماطل وبيع مال الممتنع عن الحق الواجب، ورجوع البائع في عين ماله للتفليس مطلقا، وللموت إن كان في المال وفاء، وفسخ البائع بخياره، إن قلنا بانتقال المبيع بالعقد، وهو الأصح.
الثاني: ما يسلط على ملك الغير بالتصرف لمصلحة المتصرف خاصة كالعارية.
الثالث: ما يسلط على ملك الغير بالتصرف لمصلحة المالك خاصة، كالوديعة المأذون في نقلها وإخراجها، والوكالة المتبرع بها.
الرابع: ما يسلط لمصلحتهما، كالشركة، والقراض، والوكالة يجعل.
الخامس: ما يسلط على ملك الغير بمجرد وضع اليد، كالوديعة غير المأذون له فيها إذا لم يحتج إلى النقل.
الوسيلة الثالثة: أسباب تقتضي منع المالك من التصرف في ماله، وهي:
أسباب الحجر الستة وما يضاهيها، كحجر الزوج على المرأة فيما يتعلق بالاستمتاع، وحجر البائع والمشتري لتسليم الثمن والمثمن، والحجر على سيد أم الولد فيما يتعلق باخراجها عن ملكه، إلا في
पृष्ठ 37
مواضع معدودة .
الوسيلة الرابعة: ما هو وصلة إلى حفظ المقاصد الخمسة، وهي:
النفس، والدين، والعقل، والنسب، والمال، التي لم يأت تشريع إلا بحفظها، وهي (الضروريات الخمس).
فحفظ النفس بالقصاص، أو الدية، أو الدفاع.
وحفظ الدين بالجهاد، وقتل المرتد.
وحفظ العقل بتحريم المسكرات والحد عليها.
وحفظ النسب بتحريم الزنا، وإتيان الذكران، والبهائم، وتحريم القذف والحد على ذلك.
وحفظ المال بتحريم الغصب، والسرقة، والخيانة، وقطع الطريق والحد والتعزير عليها.
الوسيلة الخامسة: ما كان مقويا لجلب المصلحة ودفع المفسدة وهو القضاء والدعاوى، والبينات، وذلك لان الاجتماع من ضروريات.
المكلفين، وهو مظنة النزاع، فلابد من حاسم لذلك وهو الشريعة.
ولابد لها من سائس وهو الامام ونوابه، والسياسة بالقضاء وما يتعلق به.
पृष्ठ 38
وبهذه المقاصد والوسائل تنتظم كتب الفقه.
قاعدة
الحكم: خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير. وزاد بعضهم : أو الوضع.
والوضع: هو الحكم على الشئ بكونه سببا، أو شرطا، أو مانعا.
فلنذكر أحكام هذه الثلاثة في قواعد.
قاعدة
السبب لغة : ما يتوصل به إلى آخر.
واصطلاحا: كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل على كونه معرفا لاثبات حكم شرعي بحيث يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، ويمتنع وجود الحكم بدونه، (وتخلف الحكم عنه يكون إما لوجود مانع أو فقد) شرط .
पृष्ठ 39
قاعدة [10]
السبب إما معنوي أو وقتي:
فالأول: أن يكون الوصف مستلزما لحكمة باعثة على شرعية الحكم المسبب، كالملك، فإنه سبب الانتفاع والاتلاف والمباشرة. واليد، فإنها سبب الضمان. والزنا، فإنه سبب الحد.
والثاني: أن يكون الوقت مقتضيا لثبوت حكم شرعي، كمواقيت الصلاة.
قاعدة [11]
من الأسباب ما لا تظهر فيه المناسبة وإن كان مناسبا في نفس الامر كالدلوك وباقي أوقات الصلاة الموجبة للصلاة، والحدث الموجب للوضوء والغسل، والاعتداد مع عدم الدخول، واستئناف العدة في المسترابة بعد التربص. وعد منه: الهرولة في السعي، ورمي الجمرات، وتقديم الأضعف على الأقوى في ميراث الغرقى، على القول الأصح من عدم التوريث مما ورث منه.
والحكمة الظاهرة في ذلك مجرد الاذعان والانقياد، ومن ثم قيل:
بأن الثواب فيه أعظم، لما فيه من الانقياد المحض.
ومنها ما تظهر فيه المناسبة، ويختص باسم (العلة)، كالنجاسة الموجبة للغسل، والزنا الموجب للحد، والقتل الموجب للقصاص، والقذف الموجب للحد، والكبيرة الموجبة للفسق.
पृष्ठ 40
قاعدة
السبب قد يكون قولا، كالعقد والايقاع. ومنه تكبيرة الاحرام، والتلبية. وقد يكون فعلا، كالالتقاط، والاحتياز ، وإحياء الموات والكفر، والزنا، وقتل النفس المعصومة، والوطئ المقرر لكمال المهر.
وربما كان السبب الفعلي أقوى من القولي، فان السفيه لو وطئ أمته فأحبلها صارت أم ولد وتنعتق بموته. ولو باشر عتقها لم يصح.
والعبد لو التقط تملك السيد إن شاء، ولو وهب لم يملك السيد ولا يتملك.
قاعدة
أقسام السبب والمسبب باعتبار الزمان ثلاثة:
الأول: ما يقارن المسبب، كالشرب، والزنا، والسرقة، والمحاربة المقارنة لاستحقاق الحد. وقتل الكافر يقارنه استحقاق السلب مع الشرط، لا بدونه في الأصح. ومثله تقارن الملك وأسبابه الفعلية، كالحيازة، والاصطياد، والاخذ من المعدن، وإحياء الموات.
القسم الثاني، ما يتقدم فيه المسبب ، كتقديم غسل الجمعة في الخميس، وغسل الاحرام على الميقات، وأذان الفجر ليلا، وزكاة الفطر في شهر رمضان على قول مشهور ، إلا أن يجعل السبب دخول
पृष्ठ 41
الشهر فيكون من قسم المقارن. وتقديم الزكاة قبل الحول على قول وعد منه : توريث الوارث الدية، مع أنها لا تجب إلا بعد موت القتيل، ويمتنع عليه الملك حينئذ، وإنما (قدر تقدم ملكه) قبل موته لينتقل إلى وارثه. وربما التزم بجواز ملك الميت في هذه الصورة، ولهذا تقضى منها ديونه، وتنفذ وصاياه.
ولا يجوز - على ما تقدم - جزاء الصيد قبل موته، وجزاء اللبس والحلق، الطيب، قبل فعلها ، ولا كفارة الظهار قبل العود، ولا كفارة القتل قبل الزهوق، ولا كفارة اليمين قبل الحنث.
القسم الثالث: ما فيه شك، وهو صيغ العقود والايقاعات، فإنه يمكن أن يقال: بمقارنة الحكم للجزء الأخير من الصيغة ، أو يقع
पृष्ठ 42
عقيبه بغير فصل .
وتظهر الفائدة في مواضع:
منها: لو أسلم أبو الزوج الصغير وزوجته البالغة معا، فعلى المقارنة الجزء الأخير فالنكاح باق، وعلى الوقوع عقيبه ينفسخ، لان اسلام الطفل مسبب عن إسلام أبيه، فيكون واقعا عقيبه، وإسلام المرأة معه.
ومنها: لو باع المفلس ماله من غرمائه بالدين، فان قلنا ارتفاع الحجر يقارن الجزء الأخير من البيع صح، وإن قلنا بتعقبه بطل، لان صحة البيع موقوفة على رفع الحجر، الموقوف على سقوط الدين، الموقوف على صحة البيع، فيدور.
وربما جزم بصحة البيع هنا، لان هذا الحجر لحق الغريم، والغرض منه عدم نزول الضرر به، وهو منفي هنا. فجرى مجرى بيع (الراهن من المرتهن) الرهن. أو نقول: مجرد ايقاع القبول معه رضاء برفع الحجر.
قاعدة
قد تتداخل الأسباب مع الاجتماع، كالأحداث الموجبة للطهارة، فإذا نوى رفع واحد منها ارتفع الجميع، إلا أن ينوي عدم رفع غيره، فتبطل الطهارة.
وإنما حكم بالتداخل لان الاحداث لا يمكن الحكم عليها بالارتفاع بل المرتفع القدر المشترك بينها، وهو المنع من العبادة، وخصوصيات الاحداث ملغاة.
पृष्ठ 43
ويجرى للأصحاب خلاف في تداخل الأغسال المسنونة عند انضمام الواجب إليها ، والمروي التداخل .
وأما الأغسال الواجبة فالأقرب تداخل أسبابها على الاطلاق، لكن إن نوى خصوصية توجب الوضوء والغسل وجبا، وإلا اكتفي بالغسل وحده، كما لو نوى الجنابة.
وأما الاجتزاء بغسل الميت لمن مات جنبا، أو حائضا بعد طهرها، فليس من هذا الباب، لان (الموت يرفع) التكليف، فلا يبقى للأسباب المتقدمة أثر. وما روى، من أنه يغسل غسل الجنابة بعد موته ، يوجب عدم التداخل في الغسلين المنسوبين إلى الولي المباشر لغسله أو نائبه. وأما الميت فلم يبق له هنا مدخل إلا في قبول التغسيل إذا كان مسلما.
ومن التداخل: موجبات الافطار في يوم واحد على قول .
पृष्ठ 44
ويتداخل ما عدا الوطئ في قول . ويتداخل مع عدم تخلل التكفير في آخر . وعدم التداخل مع اختلاف الجنس لا مع اتحاده .
ومنه تداخل مرات الزنا في وجوب حد واحد، وكذا السرقات المتكررة ولم يظفر به، والوطئ المتعدد في شبهة واحدة .
ولا تتداخل مرات الوطئ بالاستكراه على الأقوى
قاعدة
قد يتعدد السبب ويختلف الحكم المترتب عليه، وهو أقسام:
الأول: ما لا يمكن فيه الجمع، كقتل الواحد جماعة، إما دفعة - كأن يسقيهم سما، أو يهدم عليهم جدارا، أو يغرقهم، أو يحرقهم، أو يجرحهم فيسري إلى الجميع - أو على التعاقب ففي الأول يقتل بالجميع،
पृष्ठ 45
وفي وجه لبعض الأصحاب يقتل بواحد - إما بالقرعة، أو بتعيين الامام - ويأخذ الباقون الدية.
وفي الثاني يقتل بالأول، فان عفي عنه أو صولح بما قتل بالثاني..
وعلى هذا، ويكون لمن بعده الدية. وقيل : يقتل بالجميع كالدفعي، ويكون لهم ديات مكملة لحقوقهم، على احتمال مخرج مما إذا هرب القاتل أو مات وقلنا تؤخذ الدية من تركته.
الثاني: ما يتصور فيه الجمع، كالفريضة يصليها داخل المسجد، فإنه تتأدى بها التحية على احتمال ، وتكبيرة المأموم يدرك بها الامام راكعا، ينأدى بها التحريم والتكبير عند الشيخ رحمه الله.
الثالث: ما يمكن فيه إعمال السببين، كما في توريث عم هو خال، وجدة هي أخت، على نكاح المجوس، أو في الشبهة للمسلمين.
الرابع: ما يتنافيان فيه فيقدم الأقوى منهما، كتوريث الأخ الذين هو ابن عم.
الخامس: ما يتساقطان فيه، كتعارض البينتين على القول بالتساقط.
وتعارض الدعاوى لا تساقط فيه، لوجوب اليمين على كل من
पृष्ठ 46
المتداعيين فيه.
قاعدة
وقد يكون السبب الواحد موجبا لأمور، وهو أقسام :
الأول ما يندرج فيه بعضها في بعض، كالزنا، فإنه سبب واحد ومن ضرورته الملامسة، وهي توجب التعزير، والزنا يوجب الحد، فيدخل الأضعف تحت الأقوى.
وكقطع الأطراف، فإنه بالسراية إلى النفس تدخل دية الطرف في دية النفس.
وأما القصاص فثالث الأقوال تداخله إن كان بضربة واحدة، وإلا فلا.
وزنا المحصن سبب واحد له عقوبتان: الجلد، والرجم، فيجتمعان على الشيخ والشيخة، وفي الشاب والشابة قولان: أصحهما الاجتماع وقيل : لا، لان ما يوجب أعظم الامرين بخصوصه لا يوجب
पृष्ठ 47
أخفهما بعمومه.
الثاني: ما لا اندراج فيه، كالحيض، والنفاس، وكثير الاستحاضة سبب في الوضوء والغسل، ولا يدخل أحدهما تحت الآخر.
وكالقتل يوجب الفسق والقود والكفارة جمعا إن كان عمدا، ويوجب الدية والكفارة إن كان خطا أو شبيها.
واستهلاك مال الغير عمدا يوجب الضمان والتعزير .
وقذف المحصنة أو المحصن يوجب الجلد والفسق.
وزنا البكر يوجب الجلد والجز والتغريب .
والحدث الأصغر سبب لتحريم الصلاة، والطواف، وسجود السهو وسجود العزيمة على قول ، ومس خط القرآن.
والحدث الأكبر يزيد على ذلك: قراءة العزائم، ودخول المساجد، والاجتياز في المسجدين الشريفين، وتحريم الصوم، والوطئ في الحيض والنفاس، والطلاق فيه غالبا.. إلى أحكام كثيرة.
وأكثر الأسباب مسبباتا النكاح، عقدا ووطئا، فإنه تترتب عليه أحكام كثيرة تأتي في الفوائد إن شاء الله تعالى .
पृष्ठ 48