ثم خرج أبو العباس من حضرة الخليفة بعد ساعة، ومعه عهد منه بولايته على الشام فراح يسعى سعيه منذ اليوم لتأليف جيش يقوده نحو الشام لينتزعها من يد خمارويه، ويحطم عرشه، فيوحد الدولة تحت الراية العباسية، بعد ما أوشكت أن تتفرق، ويثأر من خمارويه لبعض ما ناله في المعركة التي كانت، ويري أباه أين رأي من رأي؟ وأين عزيمة من عزيمة؟ وزين له شبابه.
7
قلق ابن أبي الساج وشغلته الوساوس منذ جاوره إسحاق أميرا على الجزيرة، واشتدت حفيظته
50
على خمارويه، الذي أمنه وولاه، واشتجرت في نفسه خواطر متباينة لا يعرف ما يأخذ منها وما يدع، فلا هو بقي على ولائه للدولة، ولا هو استقل بما كان في يده من الأمر، وقد نسي خمارويه عارفته
51
حين أحله في مثل منزلة إسحاق، وفرض عليه أن يجاوره جوار الأمير للأمير.
وإنه لفي خلوته يوما يفكر في مثل هذه الخواطر المتباينة، إذ طرق طارق من بعيد، فأجد له من ماضيه ذكريات ...
وقال له صديقه أبو سعيد المدائني، وقد اطمأن بهما المجلس: «إنني رسول أبي أحمد الموفق إليك؛ لأمر من أمر الدولة، وإنه ليستبطن ما تسر
52
अज्ञात पृष्ठ