ومضى المؤتمرون كل منهم لوجهه، وقصد الخليفة من فوره إلى بغداد، حيث كانت العروس وحاشيتها في دار صاعد بن مخلد على شاطئ دجلة ينتظرون مقدم أمير المؤمنين ... •••
وكان يوم الأحد الثالث من ربيع الآخر سنة 282 وما يليه أياما مشهودة في بغداد، ونودي في جانبي المدينة ألا يعبر أحد في دجلة منذ يوم الأحد، وغلقت أبواب الدروب التي تلي الشط، ومد على الشوارع النافذة إلى دجلة شراع، ووكل بجانبي دجلة من يمنع الناس أن يظهروا في دورهم على الشط، أو يفتحوا النوافذ، فلما كان المساء وصليت العتمة،
26
وافت الشذوات على ظهر دجلة من قصر المعتضد وعليها الوصائف والخدم يحملن الشمع، حتى وقفن بإزاء دار صاعد، وكانت أعدت أربع حراقات مزينة،
27
وأرسيت في النهر مشدودة إلى دار صاعد، فلما جاءت الشذوات وأرست بإزاء الدار، أحدرت الحراقات وعليها العروس ووصائفها سابحة على الماء، وبين أيديهن الشذوات عليها الجواري في أيديهن الشمع ...
ومضى موكب العروس في دجلة حتى بلغ القصر الحسني ...
وأقامت العروس يوم الاثنين في القصر، يسعى بين يديها المواشط والوصائف والولائد، وأخذت بغداد زخرفها وازينت كلها لعرس أمير المؤمنين، وكان القصر الحسني من الرواء والزينة كأنه من قصور الجنة ...
ونضد سرير العروس وعليه قبته في غرفة شارعة تطل من جانب على النهر، وتطل من الجانب الآخر على البستان وما وراءه من الفضاء الممتد إلى البعيد البعيد، فلو كان ذو نظر حديد ينفذ إلى ما وراء الأبعاد لرأى النيل ...
وكان البخور يفوح من مجامر المسك والعنبر عطرا مسكرا يجدد الأماني ويبعث الذكريات ...
अज्ञात पृष्ठ