بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا الشيخ الأجل المسند شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علاء الدين كشتغدي المغربي الصيرفي قراءة عليه: وأنا أسمع في الجمعة الثالث والعشرين من شعبان سنة تسع وثلاثين وسبع مئة قال: حدثنا الشيخ الفقيه تقي الدين أبو محمد عبد القوي بن عبد الله بن عبد القوي المغربي الفقاعي قراءة عليه: وأنا أسمع في يوم الأحد الخامس والعشرين من شعبان سنة سبعين وست مئة قال: حدثنا الشيخ علم الدين أبو الحسن علي بن أبي الفتح محمود بن أحمد بن علي المحمودي الصابوني قراءة عليه: وأنا أسمع في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من جمادى الأول سنة أربعين وست مئة قال:
पृष्ठ 51
حدثنا الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن عيسى المديني الأصبهاني إجازة.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين.
أخبرنا الشيخ الإمام العالم قاضي القضاة عماد الدين أبو صالح نصر بن عبد الرزاق الجيلي بقراءة أبي العباس أحمد ابن الجوهري في شهور سنة ثلاث وثلاثين وست مئة ببغداد مدينة السلام -أعادها الله إلى الإسلام- قال له: أخبرك الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني إجازة في كتابه فأقر به، وقال: نعم.
पृष्ठ 52
قال: حدثنا الشيخ أبو الفتح عبد الرزاق بن محمد الشرابي قراءة عليه قال: حدثنا أبو سعيد سعد بن محمد بن سعيد الولي قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن علي الواقدي قال: حدثنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي -رحمه الله- قال: الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم، هذا كتاب مشتمل على ذكر
पृष्ठ 53
قوم هم أفضل الشهداء، وأشرف العلماء: نالوا أعلى المنازل وأدركوا أسنى المراتب، وهم الذين قتلهم القرآن؛ لما قرؤوه، أو سمعوه يتلى؛ فعلموه حق علمه، وفهموه حق فهمه.
1 - سمعت أبا محمد الخليل بن أحمد بن محمد بن مسعود المذكر -رحمه الله-: يحكى عن بعضهم قال: قال منصور ابن عمار: دخلت خربة، فرأيت شابا يصلي صلاة الخائفين، فقلت في نفسي: إن لهذا الفتى شأنا: لعله ولي من أولياء الله عز وجل فوقفت حتى فرغ من صلاته، فلما سلم سلمت عليه، فرد علي السلام فقلت له: ألم تعلم أن في جهنم واديا يقال له: {كلا إنها لظى. نزاعة للشوى. تدعو من أدبر وتولى} قال: فشهق شهقة، فخر مغشيا عليه، فلما أفاق؛ قال: زدني. فقلت: {وقودها الناس والحجارة}، وخر ميتا، فلما كشفت ثيابه عن صدره رأيت عليه مكتوبا {فهو في عيشة راضية. في جنة عالية. قطوفها #55# دانية} فلما كانت الليلة نمت، فرأيته في المنام جالسا على سرير، وعلى رأسه تاج، فقلت له: ما فعل الله تعالى بك؟ فقال: آتاني ثواب أهل بدر، وزادني. فقلت: لم؟ قال: لأنهم قتلوا بسيوف الكفار، وقتلت بسيف الملك الغفار.
पृष्ठ 54
وإنما صنفت هذا الكتاب رجاء أن يرحمنا الله عز وجل بذكرهم، ويوصل إلينا بركتهم؛ فقد جاء في الحديث "عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة".
2 - سمعت أبا عمرو الفراتي الاستوائي يقول: سمعت أبا موسى عمران بن موسى بن الحصين يقول:
سمعت مسدد بن قطن يقول: سمعت أحمد بن إبراهيم الدورقي يقول: سمعت وكيع بن الجراح يقول: ((عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة)).
पृष्ठ 55
وليعلم الناظر فيه أن لله تعالى عبادا اصطفاهم على خلقه، واختصهم بفضله، وهنأهم بنوره؛ فقتلهم بسيفه، وأماتهم بخوفه، وأهلهم للشهادة العظمى، فهم عند ربهم لهم أجرهم ونورهم. فكن أيها الناظر في كتابنا هذا من متبعيهم بالإحسان ومحبيهم بالقلب واللسان، تكن معهم في الجنان إن شاء الله تعالى.
3 - فقد حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن المخلدي العدل إملاء قال: أخبرني أبو العباس محمد بن إسحاق #57# ابن إبراهيم الثقفي السراج فيما قرأته عليه قال: حدثنا قتيبة ابن سعيد وأبو الأشعث أحمد بن المقدام قالا: حدثنا حماد ابن زيد عن ثابت عن أنس أن رجلا قال: يا رسول الله، الرجل #58# يحب قوما، ولما يلحق بهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرء مع من أحب)).
جعلنا الله سبحانه وتعالى من الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، وعلى ربهم يتوكلون؛ إنه على ما يشاء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
पृष्ठ 56
فمنهم علي بن الفضيل بن عياض -رحمه الله-
4 - أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس بن أحمد بن #59# حفص بن مسلم الحيري المزكي بقراءتي عليه قال: نا أبو عبد الله محمد بن يونس المقرئ قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا أحمد بن الليث قال: حدثنا عمر بن محمد (قال): حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن عن سهيل بن أبي عاصم قال: قلت لسلم الخواص؛ بلغك موت علي بن الفضيل كيف #60# كان؟ قال: نعم مرض مرضة، فنقه منها، وقدم رجل من أهل البصرة حسن القراءة، فأتى علي بن الفضيل قبل أن يأتي فضيلا، فبلغ فضيلا أنه قدم، وأنه قد ذهب إلى علي. قال: فأرسل إليه خلفه أن لا يقرأ عليه. قال: فقرأ عليه قبل أن يجيئه الرسول فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} قال: فخر علي، فشهق شهقة؛ خرجت نفسه معها.
पृष्ठ 58
5 - أخبرني أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بقراءتي عليه قال: سمعت أبي. رحمه الله. عودا وبدأ #61# يقول: سمعت محمد بن إسحاق السراج يقول: سمعت محمد ابن خلف الحدادي يقول: حدثني يعقوب بن يوسف، وقد لزم الفضيل، قال: كان الفضيل بن عياض إذا علم أن ابنه عليا ليس خلفه يتوق في القرآن، وحزن وخوف، وإذا علم أنه خلفه مر، ولم يقف، ولم يخوف؛ وظن يوما أنه ليس خلفه، فأتى على ذكر هذه الآية {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين}. قال: #62# فخر علي مغشيا عليه، فلما علم أنه خلفه، وأنه قد سقط تجوز في القراءة فذهبوا إلى أمه، فقالوا: أدركيه. فجاءت؛ فرشت عليه ماء؛ فأفاق، فقالت لفضيل: أنت قاتل هذا الغلام علي، فمكث ما شاء الله، فظن أنه ليس خلفه، فقرأ {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} الآية، فخر ميتا، وتجوز أبوه في القراءة، وأتيت أمه، فقيل لها: أدركيه، فجاءت، فرشت عليه ماء؛ فإذا هو ميت.
पृष्ठ 60
ومنهم شيخ كوفي
6 - قال منصور بن عمار: كنت أجول في سكك الكوفة بليل، فسمعت قارئا يقرأ في جوف الليل، ويردد القرآن، ويبكي، فقمت على باب داره مستمعا، ثم صحت في شقوق بابه: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين}، فسقط فمات.
पृष्ठ 62
ومنهم نفر من الجن
7 - قال خليد العصري: #63# كنت أقرأ ليلة هذه الآية {كل نفس ذائقة الموت} إلى آخرها، فجعلت أرددها، فإذا أنا بهاتف يهتف إلى كم تردد هذه الآية؟ فقد قتلت أربعة من الجن؛ لم يرفعوا رؤوسهم إلى الله تعالى مذ خلقوا.
पृष्ठ 62
8 - قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس الحيري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يونس المقرئ قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا أحمد بن الليث قال: حدثنا أبو حفص عمر بن حفص القشيري، قال: حدثنا علي ابن الحسين قال: سمعت منصور بن عمار يقول بينا أردت الحج؛ إذ دفعت إلى الكوفة ليلا، وكان الليل على مدلهمة، فانفردت #64# عن أصحابي. ثم دنوت إلى رواق باب دار، فسمعت بكاء رجل شيخ، وهو يقول في بكائه: إلهي وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك؛ لكني عصيتك إذ عصيتك بجهلي، وخالفتك بجهدي، فالآن من عذابك من ينقذني، وبحبل من أتصل إذا انقطع حبلك عني واذنوباه، واغوثاه بالله. قال منصور: فأبكاني والله. فوضعت فمي على شق الباب، وناديت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم {نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة}.
فأتيت عليها إلى آخر الآية، فسمعت عند ذلك اضطرابا شديدا، وخمد الصوت، فوضعت أحجارا على الباب؛ لأتعرف ذلك الموضع، فلما أصبحت غدوت إليه؛ فإذا أنا بأكفان أصلحت، وعجوز تدخل الدار باكية، وتخرج باكية. فقلت لها: يا هذه من هذا الميت منك؟ قالت: إليك عني يا عبد الله لا تجدد علي أحزاني. قال: قلت: إني أريد هذا الوجه الكريم؛ لعلك تستودعيني دعوة أنا منصور بن عمار واعظ أهل العراق. قالت: يا منصور هذا #65# ولدي. قال: قلت: فما كان صفته؟ قالت: كان من آل الرسول صلى الله عليه وسلم يكسب ما يكسبه، فيجعله أثلاثا ثلثا لي، وثلثا للمساكين، وثلثا يفطر عليه، وكان يصوم النهار، ويفطر عليه بالليل، حتى إذا كان آخر ليلة منه أخذ في بكائه وتضرعه؛ إذ تلا ذلك الرجل آية من كتاب الله عز وجل، فلم يزل حبيبي يضطرب، فأصبح، وقد فارق الدنيا.
पृष्ठ 63
9 - قال: وفيما أجاز لي أبو محمد عبد الله بن حامد. قال: وأخبرني عنه أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الغازي قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن عبد الله (قال): حدثنا أبو بكر #66# أحمد بن محمد الأهوازي (قال): حدثنا محمد بن سعيد عن أبي سعيد الجعفي قال: سمعت منصورا يقول: كنت بالكوفة فخرجت في بعض الليالي، وأنا أظن أني قد أصبحت؛ فإذا علي ليل، فملت إلى بعض الأبواب أنتظر الصبح، فسمعت من وراء الباب كلام رجل يناجي ربه عز ويقول في مناجاته: وعزتك، وجلالك ما أدرت بمعصيتي مخالفتك وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بنكالك جاهل. ولا لعقوبتك متعرض، ولا لنظرك مستخف، ولكن سولت لي نفسي، وبحبل من أعتصم إذا قطع حبلك عني فيا سوأتاه غدا من الوقوف بين يديك؛ إذا قيل للمخفين: جوزوا، وللمثقلين حطوا، فمع المخفين أجوز؟ أو مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما كبرت سني كثرت ذنوبي، ويلي كلما طال عمري #67# كثرت معاصي؛ فكم أتوب وكم أعود؟ أما آن لي أن أستحي من ربي.
قال منصور: فدنوت من الباب، ثم قلت: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهلكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} فسمعت للرجل اضطرابا شديدا، وظننت أنه لما به، فمضيت في حاجتي، ثم عدت عند ارتفاع النهار؛ فإذا بجنازة على الباب، وإذا عجوز تدخل وتخرج. فقلت: يا عجوز لمن هذه الجنازة؟ فقالت: إليك عني. فقلت: عزمت عليك، فإني رجل غريب. قالت: لولا أنك رجل غريب ما أخبرتك؛ هذا ولدي مر بنا في ليلتنا هذه رجل تلا آية فيها ذكر النار، فما زال ابني يضطرب حتى مات. فقلت : هكذا يكون الحذر من الله عز وجل.
पृष्ठ 65
ومنهم نجاد الفقعسي
10 - أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد ابن حمدويه الحافظ (قال): حدثني محمد بن حامد (قال): حدثنا الحسين بن منصور قال: سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول: سمعت يحيى بن يحيى يقول لعلي بن عثام: من الذي #69# من أصحاب الثوري قرأ آية أو قرئ عنده؛ فوقع في الفرات؟ قال: ذلك نجاد الفقعسي كان منزله في السواد، وكان من أصحاب سفيان الثوري؛ فقرأ آية، أو قرئ عنده آية، فخر، فوقع في الفرات، فذهب.
पृष्ठ 68
ومنهم زرارة بن أوفى الحرشي
من بني الحريش بن كعب بن ربيعة، وكان يكنى أبا حاجب، وكان من سكان البصرة، وبها كانت وفاته رحمة الله عليه.
11 - أخبرنا أبو جعفر الخلقاني بقراءتي عليه (قال): حدثنا #70# أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه (قال): حدثنا عمران بن موسى (قال): حدثنا هدبة بن خالد (قال): حدثنا أبو جناب القصاب قال: أمنا زرارة بن أوفى في مسجد بني قشير، فلما بلغ {فإذا نقر في الناقور} خر ميتا، فكنت فيمن حمله.
पृष्ठ 69
12 - وقال صالح المري: رأيت زرارة بن أوفى بعد موته في منامي، فقلت: رحمك الله ماذا قيل لك؟ فأعرض عني. فقلت: ما صنع الله بك؟ فأقبل علي، وقال: عاملني بفضله، وجوده، وكرمه. قلت: أي الأعمال أفضل وأبلغ فيما عندكم؟ قال: الرضا، وقصر الأمل.
पृष्ठ 71
ومنهم أعرابي بدوي رحمه الله
12 - حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن بن جعفر المذكر. #72# (قال): حدثنا الحاكم أبو محمد يحيى بن منصور وأبو الحسن الكازري وأبو الطيب الخياط واللفظ للحاكم قالوا: حدثنا أبو رجاء محمد بن أحمد القاضي (قال): حدثنا أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي البصري قال: سمعت الأصمعي يقول: أقبلت #73# ذات يوم من المسجد الجامع بالبصرة، فبينا أنا في موضع سككها؛ إذ طلع أعرابي جلف جاف على قعود له متقلد سيفه، وبيده قوس، فدنا وسلم، وقال لي: ممن الرجل؟ قلت: من بني الأصمع. قال: أنت الأصمعي؟ قلت: نعم. قال: ومن أين أقبلت؟ قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن. قال: وللرحمن كلام يتلوه الآدميون؟ قلت: نعم. قال: اتل علي شيئا منه. فقلت: له انزل عن قعودك. فنزل، وابتدأت بسورة والذاريات، فلما انتهيت إلى قوله سبحانه وتعالى {وفي السماء رزقكم وما تودعون} قال: يا أصمعي هذا كلام الرحمن؟ فقلت: أي والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا إنه لكلامه: أنزله على نبيه محمد. فقال لي: حسبك. ثم قام إلى ناقته؛ فنحرها، وقطعها بجلدها، وقال: أعني على تفريقها، ففرقناها على من أقبل وأدبر، ثم عمد إلى سيفه، وقوسه؛ فكسرهما، وجعلهما تحت الرمل، وولى مدبرا نحو البادية، وهو يقول: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}. فأقبلت على نفسي باللوم، وقلت: لم لم تنتبه لما انتبه له الأعرابي؟
فلما حججت مع الرشيد دخلت مكة، فبينا أنا أطوف بالكعبة؛ إذ هتف بي هاتف بصوت دقيق، فالتفت؛ فإذا أنا بالأعرابي نحل، مصفار، #74# فسلم علي، وأخذ بيدي، وأجلسني من وراء المقام، وقال لي: اتل علي كلام الرحمن. فأخذت في سورة والذاريات، فلما انتهيت إلى قوله تعالى {وفي السماء رزقكم وما توعدون} صاح الأعرابي، وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، ثم قال: وهل غير هذا؟ قلت: نعم، يقول الله عز وجل {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون}. فصاح الأعرابي صيحة وقال: يا سبحان الله من الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ ألم يصدقوه بقوله حتى ألجؤوه إلى اليمين قالها ثلاثا، وخرجت فيها نفسه، ومات.
पृष्ठ 71
ومنهم أخ لمحمد بن المنكدر رحمه الله
13 - قرأت في بعض الكتب: أن أخا لمحمد بن المنكدر سمع قارئا يقرأ هذه الآية: #75# {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحسبون} فقال: هاه، فلم يزل يقولها حتى مات.
पृष्ठ 74
ومنهم شاب من أهل الكوفة
14 - سمعت الأستاذ أبا القاسم الحسن بن محمد بن الحسن ابن حبيب يقول: قال حبيب العجمي؛ دخلت مسجدا بالكوفة؛ لأصلي فيه، وإذا شاب نحيف، قد نهكته العبادة، فقلت له؛ ما تشتهي؛ رجاء أن يشتهي علي شيئا. فقال: أشتهي أن أسمع عشر آيات من قراءة صالح المري ، فقد سمعت مرة صوته، قال حبيب؛ #76# فأتيت البصرة، وطلبت صالحا، وأخبرته بالقصة، فخرج إلى الكوفة، ودخل المسجد، واندفع في القراءة، فقرأ {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} إلى قوله {اخسئوا فيها ولا تكلمون}، قال: فاضطرب الفتى، وجعل لا يتمالك حتى سقط، وتوفي، وكانت دار الفتى يشرع منها باب في المسجد، فإذا أنا بعجوز معها شيء من الطعام، وكانت والدته؛ فلما رأته قالت: ما أصاب ابني، فقصصت عليها القصة، فقالت: لعلك صالح المري؟! قلت: نعم، قالت: أتاك الله مناك في الدنيا والآخرة كما أتيت ابني أمنيته؛ ما زال يتمانك على الله عز وجل.
قال: فكنت فيمن جهزه، وحمله حتى دفن رحمه الله تعالى.
पृष्ठ 75
ومهم أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري الزاهد رحمه الله
15 - أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان يقول:
ورد أبو الحسن البوشنجي على أبي عثمان، فسئل أن يقرأ في مجلسه، فقرأ، فبكى أبو عثمان حتى غشي عليه، وحمل إلى منزله، فكان يقال: قتله صوت البوشنجي فحملت إليه كرابيس؛ ليفرقها على الناس في تلك الأيام قيل له: أبو الحسن البوشنجي؟ فقال: ما أشوب ما ضمنت له في قلبي بشيء من أعراض الدنيا.
ثم إن أبا عثمان رضي الله عنه توفي في تلك العلة، وخرج البوشنجي إلى العراق.
पृष्ठ 76
ومنهم بعض العارفين رحمه الله تعالى
16 - قرأت في كتاب بعض مشايخنا يحكي عن ذي النون، قال: خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام، فضللت الطريق فإذا أنا برجل مطروح على قارعة الطريق، وهو يجود بنفسه، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت له: تريد أن أقيم عليك؟ فقال: وما أصنع بك؟! قلت: أونسك. قال: وأي أنس لي فيك؟! قلت: أخدمك إذا أنت عليل. قال: كاف من كافي، وصاد من صادق، وعين من عالم، فمن لم يأنس به، فلا أنس له. قلت له: علمني بابا من أبواب الخير، أو شيئا أتعظ به عنك. فرفع رأسه، وقال: يا أخي احفظ نفسك من نفسك، ولا تخلها من قلبك، وإذا هممت بمعصية فارفع #79# رأسك إلى هذه الخضراء، واعلم لمن تتعرض، وعلى من تقدم، ومن تحارب؛ أما علمت أن من عصى الله تعالى فقد حاربه، انكمش على ما أنت فيه واشدد مئزرك، وارحل قبل أن يرحل بك، أما علمت أن جهنم أسهرت ليالي المريدين، وأقرحت قلوب العابدين؛ حتى مدحهم في كتابه؛ فقال عز من قائل {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون} الآية، فشهق شهقة، فمات -رحمه الله-، قال: فما رأيت شابا كان أبلغ منه.
पृष्ठ 78