هم إسماعيل بالانسحاب، فأوقفه حسن بإشارة من يده، وقال: لست أخفي عن إسماعيل شيئا.
فأحنقته هذه الحركة فاستشف وراءها مريبا يتوجس، غير أنه قال دون مبالاة: إذن فليسمعنا، فلست أخفي عنه شيئا أيضا.
وانتظر قليلا حتى باعد المشي بينهم وبين سراي آل شداد، ثم قال: قبل حضوركم اليوم اتفق لي أن قابلت عايدة في الكشك على انفراد، فدار بيننا حديث غريب أدركت منه أنك نقلت إليها بعض حديثنا في شارع السرايات - أتذكره؟ - مشوها محرفا حتى دخل في روعها أنني حملت عليها حملة ظالمة باغية.
ردد حسن بين شفتين ممتعضتين لفظي: «مشوه ومحرف»، ثم قال ببرود وهو يلقي عليه نظرة كأنما يريد بها أن يذكره بأنه إنما يخاطب «حسن سليم» لا شخصا آخر: يحسن بك أن تكلف نفسك بعض الجهد في تخير الألفاظ.
فقال كمال بانفعال: هذا ما فعلته، فالحق أن كلامها لم يدع لي شكا في أنك أردت الوقيعة بيني وبينها.
حال لون حسن غضبا، ولكنه لم يستسلم له، فقال بصوت أمعن في البرود: يؤسفني أنني أحسنت الظن طويلا بفهمك وتقديرك للأمور، (ثم بلهجة ساخرة) هلا خبرتني عما عسى أن أجنيه من وراء هذه الوقيعة المزعومة؟ الحق أنك تندفع بلا روية أو عقل.
فاشتد الغضب بكمال، وهتف قائلا: بل سولت لك نفسك سلوكا شائنا.
وهنا تدخل إسماعيل قائلا: إني أقترح عليكما تأجيل الحديث إلى وقت آخر تكونان فيه أملك لأعصابكما.
فقال كمال بإصرار: إن الأمر من الجلاء بحيث لا يحتاج إلى مناقشة، وهو عارف وأنا عارف.
فعاد إسماعيل يقول: قص علينا ما دار في الكشك بينك وبينها لعلنا ...
अज्ञात पृष्ठ