وسمعت هناء الحديث وانصرفت دون أن تلقي إليه التفاتا، وفرغ هو من طعامه هادئا، وقام إلى الباب الخارجي وصفقه من خلفه ومضى.
وظلت هناء في حجرتها تبكي بكاء مرا، ولكنها لم تكد حتى سمعت جرس الباب ، فظنت أن زوجها نسي شيئا فعاد لإحضاره، ولكنها دهشت حين سمعت صوت حماتها يرن في البهو قائلة للخادمة: أين سيدك؟
وقبل أن تجيب الخادمة سارعت تقول: وأين ستك؟! أهي نائمة؟
وقالت الخادمة في جمود: سيدي وستي تناولا الإفطار معا، ونزل سيدي إلى عمله، وستي صاحية في غرفة نومها، سأناديها.
ودخلت الخادمة عند هناء، ولم تمهلها هناء لتعلن إليها قدوم الست الكبيرة، بل عاجلتها قائلة: أحضري التليفون.
وحاولت الخادمة أن تقول شيئا، ولكن هناء سارعت قائلة في حزم: أحضري التليفون.
وخرجت الخادمة لتعود بعد لحظات حاملة التليفون، وأدارت هناء القرص، وما لبثت أن قالت: من؟ لواحظ؟ أين ستك نوال؟ أيقظيها.
وبعد لحظات من الصمت قالت هناء: نوال ... سآتي إليك الآن ... سأخبرك حين آتي، المهم أن ترتدي ثيابك وتنتظريني ... نعم فورا.
ووضعت هناء سماعة التليفون، وقامت إلى ثيابها فوضعتها على نفسها دون عناية، ومدت يدها إلى درج خفي في صوانها، فأخرجت منه كل ما فيه من مال، ووضعته في حقيبة يدها الصغيرة، ولم تلق إلى المرآة نظرة، وخرجت إلى البهو لتجد حماتها قد جلست على الأريكة في عظمة تقول لها: صح النوم يا هانم. - أهلا تيزة. - أهلا بك يا أختي، أيصح أن تتركيني ساعة أنتظرك، افرضي أني جائعة وجئت أتناول الفطور عندك، أهذا يليق؟ ولكن لم لا ... أين نحن منك؟ طبعا وهل نتوصل؟
وقالت هناء في هدوء بارد: كنت ألبس يا تيزة. - وما لزوم اللبس يا أختي؟ أم تريدين أن تشعريني أني جئت مبكرة؟ حسبت أني أجيء إلى بيت ابني في أي وقت، نسيت يا حبيبتي أن البيت ليس بيت ابني، نسيت ... لا مؤاخذة. - لا أبدا يا تيزة، هو بيت ابنك كما حسبت تماما، هو بيتك. - العفو! ومن أين لي ببيت كهذا؟ والله يا حبيبتي اضطررت أن آتي الآن، لأن عمك - لا مؤاخذة - أقصد زوجي، ينزل إلى الديوان الآن، فنزلت معه، لأني لا أستطيع أن آتي وحدي، ولكن لا تخافي يا حبيبتي، لقد تناولت فطوري قبل أن أجيء، وسأقعد معك أسليك حتى يجيء زوجك. - أشكرك يا تيزة، ولكن هل تسمحين لي أن أنزل لأغيب عنك نصف ساعة فقط، ثم أعود؟ - الآن؟ والساعة لم تصل إلى التاسعة؟! - نوال بنت خالتي تريدني في شيء مهم، سأصل إليها وأعود. - إن كنت ضايقتك أنزل أنا. - أبدا، البيت بيتك وسأعود حالا، أتركك بخير.
अज्ञात पृष्ठ