الفصل السادس
تعقيب وتمهيد
من نماذج البحوث التي أسلفنا إيجازها وتلخيصها نتعرف إلى شكل من الأشكال الخاصة بالقرن العشرين في بحوث علمائه التي يستفتحون بها مغاليق الغيب، ويتطلعون فيها إلى مجاهل المستقبل القريب والبعيد، فإن للقرن العشرين طابعا منفردا في هذه البحوث بين بحوث العلماء في بابها قبل بضعة قرون.
هناك نظرات الحكماء إلى المستقبل من قبيل الطوبيات
vtopias
أو المدن الفاضلة كما سماها الفارابي في ترجمته لجمهورية أفلاطون، وطريقة الطوبيين حين ينظرون إلى المستقبل أن يتفطنوا لعيوب الحاضر، ثم يرسموا للمستقبل مجتمعا يتنزه عن تلك العيوب ويصلحها بما يستطاع من أعمال الإنسان أو أعمال العناية الإلهية، ولا سبب عندهم يدعوهم إلى انتظار الطوبى الموعودة، إلا أنها أفضل من المجتمع الحاضر، وينبغي أن يكون مفضلا عليه في عرف الناس، ولا يدرون بعد ذلك أقريب هو أم بعيد؟ وموجود بعد حين هو أم غير قابل للوجود؟
وهناك أحلام اليقظة التي يتعلق بها فكر الحكيم، ويصوغها على ما يرتضيه، وكأنه ضرب من القصص التي تجمل الواقع بحلية مستعارة من الرؤيا والخيال.
وهناك الفراسة التي يستعان بها على كشف المجهول في الغد، كما يستعان بها على كشف المجهول في هذا الزمن؛ ظنون ألمعية كالتي عناها شاعرنا العربي إذ يقول في وصف ممدوحه:
الألمعي الذي يظن بك الظ
ن كأن قد رأى وقد سمعا
अज्ञात पृष्ठ