الفصل التاسع
لكل داء دواء يستطب به
والطب واسطة والبرء لله
فيما كان البارون سائرا نحو خيمة الملك تردد في باله ما رآه من انزعاج الأسقف، فلم ير لذلك سببا، ثم كثرت عليه الظنون، فقال: «لعل الأسقف والأمراء والملوك متواطئون على مولاي وفي نيتهم أن يوقعوا به، وقد استخدموا هذا الحكيم لهذه الغاية.» فعزم أن يكاشف الملك بما جال في خاطره، وكان يعتقد أنه أحكم الناس كما أنه أبسلهم.
وحدث أن الملك ريكارد اشتدت عليه الحمى بعد خروج البارون من خيمته، فاضطربت أفكاره وفرغ صبره، فأرسل واستدعى السر وليم ليسأله عن سبب ذهابه من المعسكر وعن كيفية التقائه بالطبيب. فأتى السر وليم ودخل خيمة الملك كأنه أحد أتباعه وسجد له ووقف بين يديه، فتفرس فيه وقال له: «أأنت وليم صاحب النمر الرابض؟ ممن أخذت رتبة الفروسية؟» فأجاب: «من سيف وليم الأسد ملك اسكتلندا.» فقال الملك: «أنعم به سيفا لمنح الشرف، وأنت أهل لذلك؛ فإننا قد رأيناك تثبت في مواقف القتال وتحمل على الأعداء بعزيمة صادقة، ولكن مطامعك كبيرة فلا جزاء لك عندنا أعظم من العفو عنك.»
فحاول السر وليم أن يتكلم ولكنه حصر عن الكلام؛ لأنه لم يقدر أن يخفي ما به من لوعة وغرام. فقال الملك: «إنا وإن كنا ننتظر الطاعة التامة من كل الذين يحاربون تحت لوائنا، إلا أننا نتغاضى عن بعض الذنوب مثل اقتناء فرساننا لكلاب الصيد، ولو كان ذلك مخالفا لأمرنا.» قال ذلك مسرورا؛ إذ وجد بابا لتحويل التهمة التي اتهم بها هذا الفارس إلى اقتنائه لكلب الصيد.
فقال السر وليم: «العفو يا مولاي، فإننا - نحن معاشر الاسكتلنديين - ليس عندنا من المال والميرة ما عند أمرائك الأغنياء، والعدو لا يرى منا شدة في الحرب إذا اقتصرنا على أكل البقول، فلا بد لنا من لحم الصيد لتبقى قوتنا فينا إذا أذن مولانا.»
فقال الملك: «لا داعي لطلب الإذن مني فقد أذن لك ده فو بالصيد والقنص.» فقال السر وليم: «إنه أذن لي بالصيد فقط يا مولاي، ولكن إذا كنت تأذن لي بالقنص أيضا وتسمح لي بباز من بزاة الملك، قدمت لمائدتك أطيب طيور الماء لحما.»
فقال الملك: «لو كان عندك البازي ما انتظرت الإذن، ولكن ما لنا ولهذا؟ هات أخبرني بأمر من ذهبت إلى غور الأردن وعين جدي؟» فقال: «بأمر مجمع الأمراء.»
فقال الملك: «وكيف تجاسروا أن يرسلوك وهم لم يطلعوني على ذلك؟»
अज्ञात पृष्ठ