في التنعم من شقي، فوصلوا إلى قبضة الملمات، وحصلوا في غصة الممات، فرسمهم الحيف، وتقسمهم السيف، ولما زأر الشبل خيفت ثورة الأسد، ولم يرج صلاح الكل والبعض قد فسد، فاعتقل المعتمد خلال تلك الحال وأثناءها، وأحل ساحة الخطوب وفناءها، وحين أركبوه أساودا، وأورثوه حزنا بات له معاودا، قال: كامل
غنتك أغماتية الألحان ... ثقلت على الأرواح والأبدان
قد كان كالثعبان رمحك في الوغا ... فغدا عليك القيد كالثعبان
متعددا بحميك كل تعدد ... متعطفا لا رحمة للعاني
قلبي إلى الرحمن يشكو بثه ... ما خاب من يشكو إلى الرحمن
يا سائلا عن شأنه ومكانه ... ما كان أغنى شانه عن شأني
هاتيك قينته وذلك قصره ... من بعد لأتى مقاصر وقيان
ولما فقد من يجالسه، وبعد عنه من كان يوانسه، وتمادى كربه، ولم تسالمه حربه، قال: طويل
تؤمل للنفس الشجية فرحة ... وتأبى الخطوب السود إلا تماديا
لياليك في زاهيك أصفى صحبتها ... كما صحبت قلبي الملوك اللياليا
نعيم وبؤس ذا لذلك ناسخ ... وبعدهما نسخ المنايا الأمانيا
ولما امتدت في الثقاف مدته، واشتدت عليه قسوة الكبل وشدته، وأقلقته همومه، وأطبقته غمومه، وتوالت عليه الشجون، وطالت لياليه الجون، قال: بسيط
أنباء أسرك قد طبقن أفاقا ... بل قد عممن جهات الأرض إقلاقا
سارت من الغرب لا تطوى لها قدم ... حتى أتت شرقها تنعاك إشراقا
فأحرق الفجع أكبادا وأفئدة ... وأغرق الدمع إماقا وأحداقا
قد ضاق صدر المعالي غذ نعيت لها ... وقيل إن عليك القيد قد ضاقا
إني غلبت وكنت الدهر ذا غلب ... للغالبين وللسباق سباقا
قلت الخطوب أذلتني طوارقها ... وكان عزمي لأعداء طراقا
متى رأيت صروف الدهر تاركة ... إذا انبرت لذوي الأخطار أرماقا
وقال لي من أثق به لما ثار ابنه حيث ثار، وأثار من حقد أمير المسلمين عليه ما أثار، جزع جزعا مفرطا، وعلم أنه قد صار في أنشوطة الشر متورطا، وجعل يتشكى من فعله ويتظلم، ويتوجع منه ويتألم، ويقول عرض بي للمحن، ورضي لي أن أمتحن،
पृष्ठ 26