كان رجل من التجار له ولد يتقعر في كلامه ويستعمل الغريب، فجفاه أبوه استثقالا له وتبرما به ومما كان يأتي به، فاعتل أبوه علة شديدة أشرف منها على الموت، فقال: أشتهي أن أرى ولدي، فأحضروهم بين يديه، وأخر حتى لم يبق سواه، فقالوا له: ندعو لك بأخينا فلان؟ فقال: هو والله يقتلني بكلامه، فقالوا: قد ضمن ألا يتكلم بشيء تكرهه، فأذن له، فلما دخل قال: السلام عليك يا أبت! قل: أشهد أن لا إله إلا الله، وإن شئت قل: أشهد أن لا إله إلا الله، فقد قال الفراء: كلاهما جائز، والأولى أحب إلى سيبويه! والله يا أبتي ما أشغلني غير أبي علي، فإنه دعاني بالأمس فأهرس وأعدس (أي قدم له الهريسة والعدس) وأرزز وأوزز، وسكبج وسبج، وزربج وطهبج، وأبصل وأمصر، ودجدج وافلوذج ولوذج!. .
فصاح أبوه العليل: السلاح! السلاح! صيحوا لي بجارنا الشماس لأوصيه أن يدفنني مع النصارى وأستريح من كلام هذا البندق!. .
85 - جنية تتكلم الهندية
* وفيه أيضا:
هاج بأبي علقمة النحوي مرار (المرة: مزاج من أمزجة البدن) فسقط، فأقبل قوم يعضون إبهامه ويؤذنون في أذنه، فقام من غمرات غشيته، فقال : ما لكم تتكأكؤون علي (تتجمعون) كتكأكئكم على ذي جنة؟ افرنقعوا عني. فقال بعضهم: اتركوه! فإن جنيته تتكلم بالهندية!. .
86 - تعلمتم العبرية!
* ويشبه الحكاية السابقة ما سمعته بعد رجوعنا من معركة فلسطين عام 1948 فقد كنا التقينا هناك ببعض المجاهدين من إخواننا العراقيين، وكان بعض ممن معنا لم يسمع من قبل عراقيا يتكلم بلهجته؛ فكان يستغرب كلماتهم ولهجتهم، وذات يوم أراد أن يقلد اللهجة العراقية مع بعض من كان معه من المجاهدين السوريين، فقال له: ((ماكو شكر))؟ (ألا يوجد سكر)؟ فأجابه الثاني ((أكو شكر هواي)) (يوجد سكر كثير) وكان بعض السوريين يسمع كلامهما فلم يفهم مما قالا كلمة واحدة، فقال لهما جادا: لقد استفدتم من معركة فلسطين أن تعلمتم كيف تتكلمون باللغة العبرية!. . وهو يظن فعلا أنهما كانا يتكلمان بالعبرية!. .
87 - لماذا لا يشمل عدله الجميع؟
* القيرواني في ((الجواهر)):
شكا أهل بلدة إلى المأمون واليا عليهم، فقال: كذبتم عليه، فقد صح عندي عدله فيكم وإحسانه إليكم، فقال شيخ منهم: يا أمير المؤمنين! فما هذه المحبة لنا دون سائر رعيتك؟ قد عدل فينا خمس سنين، فانقله إلى غيرنا حتى يشمل عدله الجميع، وتريح معنا الكل، فضحك منهم وصرفه عنهم.
88 - أكثر الخلفاء خلافة
* ابن تغري بردى في ((المنهل الصافي)):
قال في ترجمة أمير المؤمنين الناصر لدين الله العباسي (552 - 622 ه):
أقام في الخلافة مدة طويلة نحوا من سبع وأربعين سنة، ولم نعلم أحدا من خلفاء بني العباس أقام هذه المدة الطويلة غيره، غير أن المستنصر العبيدي أقام في الخلافة نحوا من ستين سنة، وأيضا أبو الحكم عبد الرحمن الأندلسي بقي نحوا من خمسين سنة. اه.
89 - لذة الشيوخ من العلماء
* الخطيب في ((تقييد العلم)):
قال المأمون لعبد الله بن الحسن العلوي: ما بقي 3ن لذتك يا ظابا علي؟ قال: اللعب مع الصغير من ولدي، ومحادثة الموتى - يعني الكتب -.
90 - لا تكن كصاحب السلم
* وفيه أيضا:
أعار رجل كتابا وقال له: لا تكن كصاحب السلم، قال: وما معنى ذلك؟ قال: جاء رجل إلى رجل يستعير منه سلما، فقال له: ما أطيق حمله! قال: سبحان الله! وهل أكلفك حمله؟ أنا أحمله. قال: صدقت أنت تحمله ولا ترده، فأحتاج إلى أن أجيء وأحمله!
91 - الجمع بين الجد واللهو المباح
* البخاري في ((الأدب المفرد)):
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون (يترامون) بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال!
92 - من لم يصلحه الخير أصلحه الشر
* البخاري في ((الأدب المفرد)):
عن عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قال: حدثني أبي أنهم كانوا غزاة في البحر زمن معاوية، فانضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري، فلما حضر غداؤنا أرسلنا إليه، فأتانا فقال: دعوتموني وأنا صائم فلم يكن لي بد من أن أجيبكم، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن للمسلم على أخيه ست خصال واجبة، إن ترك منها شيئا فقد ترك حقا واجبا عليه لأخيه: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضره إذا مات، وينصحه إذا استنصحه)).
قال: وكان معنا رجل مزاح يقول لرجل أصاب طعامنا جزاك الله خيرا وبرا، فغضب عليه حين أكثر عليه، فقال لأبي أيوب: ما ترى في رجل إذا قلت له: جزاك الله خيرا وبرا غضب وشتمني؟ فقال أبو أيوب: إنا كنا نقول: من لم يصلحه الخير أصلحه الشر، فاقلب عليه، فقال له حين أتاه: جزاك الله شرا وعرا، فضحك ورضي وقال: ما تدع مزاحك؟ فقال الرجل: جزى الله أبا أيوب الأنصاري خيرا.
93 - فوائد لغوية
* السرخسي في ((أصوله)):
قال قتادة في قوله تعالى: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) الطائفة: تطلق على الواحد فصاعدا، وقال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) ونقل في سبب النزول أنهما كانا رجلين.
فإن قيل: هذا بعيد فإن تاء التأنيث لا تلحق بنعت الواحد من الذكور، قلنا: هذا عند ذكر الرجل، فأما عند ذكر النعت يصلح للفرد من الذكور والإناث، فللعرب عادة في إلحاق هاء التأنيث به، وكتاب الله يشهد به، قال تعالى: (وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء) والمراد الواحد لا من الإناث خاصة، بدليل قوله تعالى بعد ذلك: (ولو كان ذا قربى).
94 - الطواعين المشهورة في الإسلام
* قال أبو الحسن المدائني كما نقل النووي في ((شرح مسلم)):
كانت الطواعين العظام المشهورة في الإسلام خمسة:
1 - طاعون شيرويه بالمدائن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست من الهجرة.
2 - طاعون عمواس في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان بالشام، مات فيه خمسة وعشرون ألفا، وكان سنة ثماني عشرة.
3 - طاعون الجارف في زمن ابن الزبير في شوال سنة تسع وستين هلك في ثلاثة أيام، كل يوم سبعون ألفا، مات فيه لأنس بن مالك رضي الله عنه ثلاثة وثمانون ابنا، ويقال: ثلاثة وسبعون ابنا، ومات لعبدالرحمن ابن أبي بكرة أربعون ابنا.
4 - طاعون الفتيات، لأنه بدأ بالعذارى، في شوال سنة سبع وثمانين بالبصرة وواسط والشام والكوفة.
5 - طاعون في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائة، واشتد في شهر رمضان فكان يحصى في سكة المربد في كل يوم ألف جنازة أياما، ثم خف في شوال.
पृष्ठ 32