ضعاف الأسد أكثرها زئيرا وأصرمها اللواتي لا تزير (¬9) وقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعير
ينوخ ثم يضرب بالهراوى فلا عرف لديه ولا نكير
يقوده الصبي بكل أرض ويصرعه على الجنب الصغير
فما عظم الرجال لهم بزين ولكن زينهم حسب وخير
فقال: قاتله الله! ما أطول لسانه، وأمد عنانه، وأوسع جنانه، إني لأحسبه كما وصف نفسه.
60 - لا خير في الجسوم من غير عقول
* وفيه أيضا:
وأنشد أحمد بن عبيدالله لشاعر قديم:
وعاذلة هبت بليل تلومني ولم يغتمرني قبل ذاك عذول (¬1)
تقول: اتئد لا يدعك الناس مملقا وتزري بمن يا ابن الكرام تعول
فقلت: أبت نفس علي كريمة وطارق ليل عند ذاك يقول
ألم تعلمي يا عمرك الله أنني كريم على حين الكرام قليل
وأني لا أخزى إذا قيل مملق سخي وأخزى أن يقال: بخيل
فلا تتبعي النفس الغوية وانظري إلى عنصر الأحساب كيف يؤول
ولا تذهبن عيناك في كل شرمح له قصب جوف العظام أسيل (¬2)
عسى أن تمنى عرسه أنني لها به، حين يشتد الزمان؛ بديل
إذا كنت في القوم الطوال فطلتهم (¬3) بعارفة حتى يقال طويل
ولا خير في حسن الجسوم وطولها إذا لم تزن حسن الجسوم عقول
فكائن رأينا من فروع طويلة تموت إذا لم تحيهن أصول
فإلا يكن جسمي طويلا فإنني له بالفعال الصالحات وصول
ولم أر كالمعروف: أما مذاقه فحلو وأما وجهه فجميل
61 - من الورع ما يبغضه الله
* ابن عبد ربه في ((العقد الفريد)):
قال رجل: أفطرت البارحة على رغيف، وزيتونة ونصف، أو زيتونة وثلث، أو زيتونة وربع؛ أو ما علم الله من زيتونة وأخرى، فقال له بعض من حضر المجلس: يا فتى؛ إنه بلغنا أن من الورع ما يبغضه الله؛ وأحسبه ورعك هذا!
62 - أكرم على الله من إسحاق بن إبراهيم
* وفيه أيضا:
الأصمعي قال: ولي رجل مقل قضاء الأهواز؛ فأبطأت عليه أرزاقه، وحضر الأضحى ليس عنده ما يضحي به ولا ما ينفق، فشكا ذلك إلى امرأته، وأخبرها بما هو فيه من الضيق، وأنه لا يقدر على الأضحية، فقالت له: لا تغتم فإن عندي ديكا جليلا قد سمنته، فإذا كان يوم الأضحى ذبحناه، فبلغ جيرانه الخبر، فأهدوا له ثلاثين كبشا وهو في المصلى لا يعلم، فلما صار إلى منزله ورأى ما فيه من الأضاحي قال لامرأته: من أين هذا؟ قالت: أهدى لنا فلان وفلان وفلان، حتى سمت جماعتهم، فقال لها: يا هذه تحفظي بديكنا هذا؛ فلهو أكرم على الله من إسحاق بن إبراهيم، إنه فدي بكبش واحد، وقد فدي ديكنا هذا بثلاثين كبشا!. .
63 - حسن الإجابة والمحاورة
* أبو طاهر البغدادي في ((قانون البلاغة)) أوردها كرد علي في ((رسائل البلغاء)):
إن من آلة الكاتب وأداته أن يضيف إلى الإحسان في المكاتبة مثل ذلك في المحاورة والمخاطبة، حتى تكون ألفاظه مهذبة، وإشاراته مستعذبة، والنفوس نحوه إذا نطق منصتة، فمن المحاورة المستحسنة قول الفضل بن الربيع، فقد قال له الرشيد: كذبت! قال: يا أمير المؤمنين! وجه الكذوب لا يقابلك، ولسانه لا يخاطبك (يعني به الرشيد نفسه) فإنه لا يقابل نفسه، ولسانه لا يخاطبه. فوصله وقال: كذبني فوصلته لحسن جوابه. ودخل سعيد بن مرة على معاوية فقال له: أنت سعيد بن مرة؟ فقال: انا ابن مرة وأنت السعيد، فوصله لحسن جوابه. وقال الشفاح أو المنصور للسيد الباقر: أأنت السيد؟ فقال: أنا ابن أبي وأنت السيد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس: ((أنت أكبر مني)) فقال: أنا أسن وأنت أكبر مني، وقال سعيد بن عمرو بن عثمان لطويس المخنث: أينا أسن؟ فقال: بأبي أنت وأمي؛ لقد شهدت زفاف أمك المباركة إلى أبيك الطيب! فلو جعل الطيب وصفا للأم قد هجن بالابن. وعلى حسب ما يستحسن هذا الجنس من الجواب يستقبح ما كان خلافه من الخطاب، كما يروى أن رجلا مر بأبي بكر أو بعمر ومعه ثوب وقال: تبيعه؟ قال: لا، عافاك الله، فقال: قد علمتم لو تعلمون، هلا قلت: لا وعافاك الله.
64 - آلة البلاغة للخطيب والمتكلم
* وفيه أيضا:
ومما جاء في وصف البليغ وترتيب البلاغة ما أنا ذاكره: حكى الجاحظ عن بعض حكماء الهند أنه قال: أول البلاغة جماع آلة البلاغة. وذلك ان يكون الخطيب رابط الجأش، ساكن الجوارح، قليل اللحظ، متخير اللفظ، لا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة، ولا الملوك بكلام السوقة، ويكون معه من القوة ما يصرف به لفظه في كل طبقة؛ حتى لا يدقق المعنى إذا خاطب أوساط الناس، ولا يدع ذلك إذا خاطب حكيما أو كاتب فيلسوفا.
65 - الأوائل. . .
* الشيخ علاء الدين علي دده السكتواري في ((محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر)):
- أول من صلى بمكة جماعة بعد الفتح: جبير بن عجلان الثقفي، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم (نقله الطبري).
- أول من فرش المسجد بالحصباء عمر رضي الله عنه. وكان الناس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا وجوههم بأيديهم، فأمر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بالحصباء قائلا: حصبوه من الوادي المبارك من العقيق ((أوائل السيوطي)).
- أول من أسرج المسجد: تميم الداري رضي الله عنه في أيام عمر رضي الله عنه.
- أول من أحكم قوافي الشعر: امرؤ القيس وهو مقدم الشعراء عند علماء البصرة، والأعشى عند علماء الكوفة، وزهير عند أهل الحجاز وأهل البادية ((المزهر للسيوطي)).
- أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن الصبيان علي، ومن النساء خديجة، ومن العبيد بلال، رضي الله عنهم أجمعين ((أوائل السيوطي)).
- أول من كسا البيت (الكعبة) بالديباج: والدة العباس بن عبدالمطلب، حين أضلت العباس صغيرا، فنذرت إن وجدته لتكسون الكعبة، فوجدته ففعلت ((أوائل السيوطي)).
66 - . . . والأواخر
* وفيه أيضا:
- آخر شيء نزل من القرآن قوله تعالى: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) الآية، قال سعيد بن جبير: عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها تسع ليال ثم مات صلوات الله وسلامه عليه (السيوطي عن البخاري).
- آخر خليفة خطب على منبر يوم الجمعة: الراضي بالله، وفي أيامه ضعفت الخلافة العباسية.
- آخر من قتله الحجاج بن يوسف: سعيد بن جبير التابعي الزاهد رحمة الله عليه، استشهد على نطع الحجاج، دعا عليه بقوله: اللهم لا تسلطه على أحد من بعدي يقتله، فما عاش الحجاج بعد إلا خمس عشرة ليلة.
67 - لم يرد في فضل العقل حديث صحيح
* قال الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان البستي:
لست أحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا صحيحا في العقل، لأن الذين رووا الأحاجيث في فضل العقل لست ممن أحتج بأخبارهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب مكارم الأخلاق ويكره سفسافها)) وإن محبة المرء المكارم من الأخلاق، وكراهة سفسافها، هو نفس العقل.
68 - درجات العقل والدهاء والجهل
* ثم قال:
والعقل اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب، والعلم باجتناب الخطأ، فإذا كان في أول درجته يسمى أديبا، ثم أريبا، ثم لبيبا، ثم عاقلا.
كما أن الرجل إذا دخل في أول حد الدهاء قيل له: شيطان، فإذا عتا في الطغيان قيل: مارد، فإذا زاد على ذلك قيل: عبقري، فإذا جمع إلى خبثه شدة شر، قيل: عفريت.
وكذلك الجاهل يقال له في أول درجته: المائق ثم الرقيع، ثم الأنوك، ثم الأحمق.
69 - الجواني والبراني
* في ((لسان العرب)):
وفي حديث سليمان: من صلح جوانيه أصلح الله برانيه.
قلت: فالبراني والجواني من العامية الفصحى ، إلا أن العامة تضم الجيم.
70 - غليان القلوب
* قال مالك بن دينار:
إن القلب إذا لم يكن فيه حزن، خرب كما يخرب البيت إذا لم يكن فيه ساكن، وإن القلوب الأبرار تغلي بأعمال البر وإن قلوب الفجار تغلي بأعمال الفجور، والله يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله.
71 - علامة الحمق
* قال محمد بن حبيب النيسابوري:
تقول العرب: فلان من فرط ثطاته لا يعرف قطاته من لطاته.
أقول: هو في ((مجمع الأمثال)) للميداني، والثطاة (ويقال: النطاة والرطاة) هي الحمق، والقطاة: مقعد الرديف من الفرس، واللطاة الجبهة، وهذا مثل يضرب للأحمق، أي: إنه لحمقه لا يعرف مقدمه من مؤخره.
72 - ما أحسن وقع السيوف على الأنوف
* قال الصفدي في ((الوافي بالوفيات)):
الأمير بدر الدين الهكاري، استشهد على الطور؛ وأبلى ذلك اليوم بلاء حسنا، وكانت له المواقف المشهورة في قتال الفرنج، وكان من أكابر ((المعظم)) يصدر عن رأيه ويثق به لصلاحه، وكان سمحا لطيفا دينا ورعا بارا بأهله وبالفقراء والمساكين، كثير الصدقات، بنى بالقدس مدرسة للشافعية ووقف عليها والأوقاف، وبنى مسجدا قريبا من الخليل عليه السلام عند يونس عليه السلام على قارعة الطريق، وكان يتمنى الشادة دائما ويقول: ((ما أحسن وقع سيوف الكفار على أنفي ووجهي!)) دفن بالقدس سنة أربع عشرة وستمائة.
73 - الحرص على العلم
* قال أبو بكر الخطيب في ((تقييد العلم)):
قال المبرد: نظر أعرابي إلى رجل وهو لا يسمع شيئا إلا كتبه فقال: ما تترك نقارة إلا انتقرتها، ولا نماصة إلا انتمصتها، وإنك لملقفة الكلمة الشرود.
पृष्ठ 27