काहिरा
القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
शैलियों
ولقد عاد الاهتمام بالفسطاط مرة أخرى على مهل شديدي، وتحت اسم: مصر عتيقة أو ما نعرفها الآن بمصر القديمة. ولكن ذلك التعمير المتمهل اتخذ شريطا طوليا بحذاء النهر وسيالة الروضة كمناطق خلفية للتعمير السريع الذي حدث في الدولة الأيوبية والمملوكة لجزيرة الروضة، وكامتداد بطيء للعمران في منطقة السيدة زينب والناصرية، وبساتين الخشاب وقاسم وغيرهما، كزحف عمراني بعد تراجع مسار النيل إلى الغرب، كما سبق ذكره في الفصل
الأول . (3-5) القاهرة منذ صلاح الدين إلى محمد علي
فقدت القاهرة ازدواجيتها، وأصبحت مدينة واحدة بفضل بناء القلعة وبناء سور جديد للقاهرة شمل كل الأحياء من المقس إلى مصر عتيقة، ومن النيل آنذاك إلى القلعة وسور القاهرة الفاطمية الشرقي، وأوكلت هذه المهمة لقائد صارم هو قره قوش، وأصبح اسمه قرينا بالأوامر التعسفية.
37
وفي داخل هذا الإطار المحصن، ومن خلال الأمان أصبح نمو عمران القاهرة مرتبطا بالمبادآت الفردية للأغنياء والفقراء بعد أن كانت مدنا تنشأ بالأمر، سواء في ذلك فسطاط عمرو بن العاص أو قطائع أحمد بن طولون أو قاهرة المعز لدين الله. وبعبارة أخرى: تكاملت شروط نمو المدن حسب حاجة الناس وازدياد أعدادهم وقدراتهم المادية وتجارتهم ووكالاتهم وورشهم وحرفهم الأخرى.
ولسنا نشك في أن بعض الحكام قد وجهوا العمران جهة ما؛ فالناس عادة ما يبنون وراء حكامهم في الأحياء الجديدة. فبناء قلعة صلاح الدين قد ساهم في نمو العمران من جنوب القاهرة في اتجاه القلعة، واهتمام الملك الصالح بالروضة جذب السكان إلى هذه الجزيرة وإلى ضفة النهر المقابلة في فم الخليج ودير النحاس، وإنشاء جامع بيبرس في الظاهر ساهم في امتداد العمران من الحسينية إلى باب البحر فيما عرف باسم أرض الطبالة، وتعمير الناصر محمد بن قلاوون لحي الناصرية جاء نتيجة لاهتمامه بإقامة ملاعب الفروسية غرب الناصرية بحذاء النيل فيما نعرفه الآن بالمبتديان والمنيرة، واهتمام السلطان قلاوون بإنشاء جامع ومدرسة وبيمارستان قلاوون على الشارع الأعظم جعله سنة أو قاعدة؛ أن يبني السلاطين مدارس وجوامع متراصة في الشارع الأعظم من باب الفتوح إلى ما بعد باب زويلة، مثل جوامع: الناصر محمد وبرقوق والغوري والمؤيد شيخ.
وقد بنيت كثير من البيوت الواسعة شرقية الطراز داخل القاهرة الفاطمية في أزمان مختلفة، ولكن بعض أمراء المماليك وكبار التجار بنوا لأنفسهم قصورا حول برك القاهرة، وبخاصة بركة الأزبكية وبركة الفيل نتيجة ازدحام المباني داخل المدينة الأصلية. وحكر بعضهم أراضي تركها النيل فقسمت للبيع كأرض بناء، مثل: باب اللوق والمهراني. وفقدت القاهرة ميناء المقس بتراجع النيل، وحل محله ميناء بولاق بعد أن التحمت جزيرة بولاق بضفة القاهرة، وأصبح حي بولاق مكانا متميزا للنشاط التجاري والحرفي والنقل النهري، لكنه لم يلتحم ببنية عمران القاهرة إلا بعد فترة طويلة.
وقد حدثت في الفترة الأيوبية المملوكية أحداث سياسية ودينية حاسمة في تاريخ وسياسة مصر والشرق الأوسط، هي: (1)
إنهاء ممالك الصليبيين في فلسطين والشام بقيادة صلاح الدين والكامل والصالح وبيبرس. (2)
إيقاف المد المغولي وتحجيمه ثلاث مرات كبيرة بقيادة السلاطين: قطز وبيبرس وقلاوون؛ مما ترتب عليه ركود المغول في الشرق العربي وتحولهم التدريجي للإسلام. ومرة رابعة عند غزو تيمورلنك للشام وتصدى له السلطان برقوق وابنه فرج دون معركة حاسمة لكنها أوقفته دون مصر. (3)
अज्ञात पृष्ठ