قاعدة في المحبة
تأليف: شيخ الإسلام ابن تيمية
تحقيق: محمد رشاد سالم
بسم الله الرحمن الرحيم على الله توكلي
فصل في الحب والبغض
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد فهذه قاعدة عظيمة في المحبة وما يتعلق بها من جمع الإمام العلامة شيخ الإسلام بركة الأنام بقية السلف الكرام أبى العباس أحمد بن الشيخ شهاب الدين عبد الحليم بن الشيح مجد الدين أبى البركات عبد السلام ابن تيمية ﵁ وأرضاه
قال ﵁: فصل في الحب والبغض والمحمود من ذلك والمذموم وأصل كل فعل وحركة في العالم من الحب والإرادة فهو أصل كل فعل ومبدؤه كما أن البغض والكراهة مانع وصاد لكل ما انعقد بسببه ومادته فهو أصل كل ترك إذا فسر الترك بالأمر الوجودي كما يفسره بذلك أكثر أهل النظر
وإذا عني بالترك مجرد عدم الفعل فعدم الفعل تارة يكون لعدم مقتضيه من المحبة والإرادة ولوازمهما وقد يكون لوجود مانعه من البغض والكراهة وغيرهما
1 / 7
فأما وجود الفعل فلا يكون إلا عن محبة وإرادة حتى دفعه للأمور التي يكرهها ويبغضها هو لما في ذلك من المحبوب أو اللذة يجدها بالدفع فيقال شفى صدره وقلبه والشفاء والعافية بمحبوب
والمحبة والإرادة تكون إما بواسطة وإما بغير واسطة مثل فعله للأشياء التي يكرهها كشرب الدواء والمكروه وفعل الأشياء المخالفة لهواه وصبره ونحو ذلك
فإن هذه الأمور وإن كانت مكروهة من بعض الوجوه فإنما يفعل أيضا لمحبة وإرادة وإن لم تكن المحبة لنفسها بل المحبة لملازمها فإنه يحب العافية والصحة المستلزمة لإرادة شرب الدواء ويحب رحمة الله ونجاته من عذابه المستلزم لإرادة ترك ما يهواه كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ فلا يترك الحي ما يحبه ويهواه إلا لما يحبه ويهواه لكن يترك أضعفهما محبة لأقواهما محبة كما يفعل ما يكرهه لما محبته أقوي من كراهة ذلك وكما يترك ما يحبه لما كراهته أقوي من محبة ذلك
ولهذا كانت المحبة والإرادة أصلا للبغض والكراهة وعلة لها ولازما مستلزما لها من غير علة
وفعل البغض في العالم إنما هو لمنافاة المحبوب ولولا وجود المحبوب لم يكن البغض بخلاف الحب للشيء فإنه قد يكون لنفسه لا لأجل منافاته للبغض وبغض الإنسان وغضبه مما يضاد وجود محبوبه ومانع ومستلزم لا يكره عليه ونجد قوة البغض للنافي أشد وأحوط
1 / 8
ولهذا كان رأس الإيمان الحب في الله والبغض في الله وكان من أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان
فالمحبة والإرادة أصل في وجود البغض والكراهة والأصل في زوال البغيض المكروه فلا يوجد البغض إلا لمحبة ولا يزول البغيض إلا لمحبة
فالمحبة أصل كل أمر موجود وأصل دفع كل ما يطلب الوجود ودفع ما يطلب الوجود أمر موجود لكنه مانع من وجود ضده فهو أصل كل موجود من بغيض ومانع ولوازمهما
وهذا القدر الذي ذكرناه من أن المحبة والإرادة أصل كل حركة في العالم فقد بينا في القواعد وغيرها أن هذا يندرج فيه كل حركة وعمل فإن ما في الأجسام من حركه طبعية فإنما أصلها السكون فإنه إذا خرجت عن مستقرها كانت بطبعها تطلب مستقرها وما فيها من حركة قسرية فأصلها من القاسر القاهر فلم تبق حركة اختيارية إلا عن الإرادة
والحركات إما إرادية وإما طبعية وإما قسرية لأن الفاعل المتحرك إن كان له شعور بها فهي الإرادية وإن لم يكن له شعور فإن كانت على وفق طبع المتحرك فهي الطبعية وإن كانت على خلاف ذلك فهي القسرية
وبينا أن ما السموات والأرض وما بينهما من حركة الأفلاك والشمس والقمر والنجوم وحركة الرياح والسحاب والمطر والنبات وغير ذلك فإنما هو بملائكة الله تعالى الموكلة بالسموات والأرض الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون
1 / 9
المحبة التي أمر الله بها هي عبادته وحده
...
كما قال تعالى: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ ﴿فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾ وكما دل الكتاب والسنة على أصناف الملائكة وتوكلهم بأصناف المخلوقات
ولفظ الملك يشعر بأنه رسول منفذ لأمر غيره فليس لهم من الأمر شيء بل كم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضي ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ وإذا كان كذلك فجميع تلك المحبات والإرادات والأفعال والحركات هي عبادة لله رب الأرض والسموات كما قد بيناه في غير هذا الموضع
وإذا كان كذلك فأصل المحبة المحمودة التي أمر الله بها وخلق خلقه لأجلها هي ما في عبادته وحده لا شريك له إذ العبادة متضمنة لغاية الحب بغاية الذل.
والمحبة لما كانت جنسا لأنواع متفاوتة في القدر والوصف كان أغلب ما يذكر منها في حق الله ما يختص به ويليق به مثل العبادة والإنابة ونحوهما فإن العبادة لا تصلح إلا لله وحده وكذلك الإنابة
وقد تذكر المحبة المطلقة لكن تقع فيها الشركة كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ
1 / 10
النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾
ولهذا كان هذا الحب أعظم الأقسام المذمومة في المحبة كما أن حب الله أعظم الأنواع المحمودة بل عبادة الله وحده لا شريك له هي أصل السعادة ورأسها التي لا ينجو أحد من العذاب إلا بها وعبادة إله آخر من دونه هو أصل الشقاء ورأسه الذي لا يبقي في العذاب إلا أهله
فأهل التوحيد الذين أحبوا الله وعبدوه وحده لا شريك له لا يبقي منهم في العذاب أحد والذين اتخذوا من دونه أندادا يحبونهم كحبه وعبدوا غيره هم أهل الشرك الذين قال الله تعالى فيهم ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾
وجماع القرآن هو الأمر بتلك المحبة ولوازمها والنهي عن هذه المحبات ولوازمها وضرب الأمثال والمقاييس للنوعين وذكر قصص أهل النوعين
وأصل دعوة جميع المرسلين ٠ قولهم ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ وعلى ذلك قاتل من قاتل منهم المشركين كما قال خاتم الرسل: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"، قال الله تعالى ﴿شَرَعَ لَكُمْ
1 / 11
مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ .
ولهذا قال في الحديث المتفق عليه في الصحيحين عن أنس بن مالك ﵁ قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان" وفي رواية في الصحيح: "لا يجد طعم الإيمان إلا من كان فيه ثلاث أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله كما يكره أن يلقي في النار"
وفي الصحيح عن أنس أيضا عن النبي ﷺ قال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"
وفي صحيح البخاري أن عمر قال يا رسول الله: "والله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي فقال لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من
1 / 12
نفسك قال فو الذي بعثك بالحق لأنت أحب إلى من نفسي قال الآن يا عمر".
ولهذا ورد في فضل هذه الكلمة شهادة أن لا إله إلا الله من الدلائل ما يضيق هذا الموضع عن ذكره وهى أفضل الكلام وما فيها من العلم والمحبة أفضل العلوم والمحبات كالحديث الذي في السنن أفضل الذكر لا إله ألا الله
والآية المتضمنة لها أعظم آية في القرآن كما في صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال لأبى بن كعب: "يا أبا المنذر أتدري أي آية في كتاب الله أعظم قال ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ قال فضرب بيده صدري وقال ليهنك العلم أبا المنذر".
وإذا كانت كل حركة فأصلها الحب والإرادة من محبوب مراد لنفسه
1 / 13
لا يحب لغيره إذ لو كان كل شيء محبوبا لغيره لزم الدور أو التسلسل والشيء قد يحب من وجه دون وجه وليس شيء يحب لذاته من كل وجه إلا الله وحده ولا تصلح الإلهية إلا له ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.
والإلهية المذكورة في كتاب الله هي العبادة والتأله ومن لوازم ذلك أن يكون هو الرب الخالق وأما ما يظنه طوائف من أهل الكلام أن الألوهية هي نفس الربوبية وأن ما ذكر في القرآن من نفي إله آخر والأمثال المضروبة البينة فالمقصود به نفي رب يشركه في خلق العالم كما هو عادتهم في كتب الكلام فهذا قصور وتقصير منهم في فهم القرآن وما فيه من الحجج والأمثال أتوا فيه من جهة أن مبلغ علمهم هو ما سلكوه من الطريقة الكلامية فاعتقدوا أن المقصودين واحد وليس كذلك بل القرآن ينفي أن يعبد غير الله أو أن يتخذه إلها فيحبه ويخضع له محبة الإله وخضوعه كما بينت ذلك عامة آيات القرآن مثل قوله تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا﴾ ولهذا قال الخليل ﴿لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾
ومن المعلوم أن كل حي فله إرادة وعمل بحسبه وكل متحرك فأصل حركته المحبة والإرادة ولا صلاح للموجودات إلا أن يكون كمال محبتها وحركتها لله تعالى كما لا وجود لها إلا أن يبدعها الله
1 / 14
ولهذا قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ ولم يقل لعدمتا إذ هو قادر على أن يبقيها على وجهة الفساد لكن لا يمكن أن تكون صالحة إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له فإن صلاح الحي إنما هو صلاح مقصوده ومراده وصلاح الأعمال والحركات بصلاح إرادتها ونياتها
ولهذا كان من أجمع الكلام وأبلغه قوله: "إنما الإعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا يعم كل عمل وكل نية
فكل عمل في العالم هو بحسب نية صاحبه وليس للعامل إلا ما نواه وقصده وأحبه وأراده بعمله ليس في ذلك تخصيص ولا تقييد كما يظنه طوائف من الناس حيث يحسبون أن النية المراد به النية الشرعية المأمور بها فيحتاجون أن يحصروا الأعمال بالأعمال الشرعية فإن النية موجودة لكل متحرك كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: "أصدق الأسماء الحارث وهمام" فالحارث هو العامل الكاسب والهمام هو القاصد المريد وكل إنسان متحرك بإرادته حارث همام
1 / 15
كما بينا أن المحبة والإرادة أصل كل عمل فكل عمل في العالم فعن إرادة ومحبة صدر
ولهذا كانت المحبة والإرادة منقسمة إلى محبوب لله وغير محبوب كما أن العمل والحركة منقسم كذلك
وإذا كان كذلك فالمحبة لها آثار وتوابع سواء كانت صالحة محمودة نافعة أو كانت غير ذلك لها وجد وحلاوة وذوق ووصال وصدود ولها سرور وحزن وبكاء
والمحبة المحمودة هي المحبة النافعة وهي التي تجلب لصاحبها ما ينفعه وهو السعادة والضارة هي التي تجلب لصاحبها ما يضره وهو الشقاء
ومعلوم أن الحي العالم لا يختار أن يحب ما يضره لكن يكون ذلك عن جهل وظلم فإن النفس قد تهوي ما يضرها ولا ينفعها وذلك ظلم منها لها وقد تكون جاهلة بحالها به بأن تهوي الشيء وتحبه بلا علم منها بما في محبته من المنفعة والمضرة وتتبع هواها وهذا حال من اتبع هواه بغير علم
وقد يكون عن اعتقاد فاسد وهو حال من اتبع الظن وما تهوي نفسه وكل ذلك من أمور الجاهلية وإن كان كل من جهلها وظلمها لا يكاد يخلو عن شبهة يشتبه بها الحق وشهوه هي في الأصل محمودة إذا وضعت في محلها كحال الذي يحب لقاء قريبه فإن هذا محمود وهو أصل صلة الرحم التي هي شجنة من الرحمن
1 / 16
لكن إذا اتبع هواه حتى خرج عن العدل بين ذوي القربى وغيرهم كان هذا ظلما كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ وقال تعالى: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾
وكذلك الذي يحب الطعام والشراب والنساء فإن هذا محمود وبه يصلح حال بني آدم ولولا ذلك لما استقامت نفس الأنساب ولا وجدت الذرية ولكن يجب العدل والقصد في ذلك كما قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا﴾ وكما قال تعالى: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾
فإذا تجاوز حد العدل وهو المشروع صار ظالما عاديا بحسب ظلمه وعدوانه
وقد ذكرنا في مواضع أن المشروع والنافع والصالح والعدل والحق والحسن أسماء متكافئة مسماها واحد بالذات وإن تنوعت صفاته بمنزلة أسماء الله الحسني فأسماؤه تعالى وأسماء كتابه ودينه ونبيه مسمي كل صنف من ذلك واحد وإن تنوعت صفاته فكل عمل صالح هو نافع لصاحبه وبالعكس وكل نافع صالح فهو مشروع وبالعكس وكل ما كان صالحا مشروعا فهو حق وعدل وبالعكس
1 / 17
ولكن الناس قد يدركون أحد النعتين فيستدلون به على وجود الآخر مثل أن يعلم أن الله أمر بهذا الفعل وشرعه فيعلم من هذا وجوب كونه طاعة لله ورسوله وذلك الفعل بعينه يجب أن يكون عملا صالحا وهو النافع وأن يكون حقا وعدلا وهذا استدلال بالنص وقد يعلم كون الشيء صالحا أو عدلا أو حسنا ثم يستدل بذلك على كونه مشروعا وهو الاستدلال بالاستصلاح والاستحسان والقياس على كون مشروعا
وهذه الطريقة فيها خطر عظيم والغلط فيها كثير ولخفاء صفات الأعمال وأحوالها عنها وأن العالم بذلك كما ينبغي ليس هو إلا رسول الله
فالاستدلال بالمصالح التي قد يقال لها المصالح المرسلة هو الذي يرى الشيء مصلحة وليس في الشرع ما ينفيه فيستدل بالمصلحة على أنه من الشريعة
والاستحسان أن يرى الشيء حسنا فيستدل بحسنه على أنه من الشرع
والعدل أن يرى للشيء نظيرا وشبيها فيستدل على حكمه بحكم نظيره وشبيهه وليس هذا موضع الكلام في ذلك
لكن أعلم الناس من كان رأيه واستصلاحه واستحسانه وقياسه موافقا للنصوص كما قال مجاهد أفضل العبادة الرأي الحسن وهو اتباع السنة ولهذا قال تعالى: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ﴾
1 / 18
ولهذا كان السلف يسمون أهل الآراء المخالفة للسنة والشريعة في مسائل الاعتقاد الخبرية ومسائل الأحكام العملية أهل الأهواء لأن الرأي المخالف للسنة جهل لا علم فصاحبه ممن اتبع هواه بغير علم
ولهذا يذكر الله في القرآن من يتبع هواه بغير علم ويذم من يتبع هواه بغير هدي من الله كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾
وكل من اتبع هواه اتبعه بغير علم إذ لا علم بذلك إلا بهدي الله الذي بعث الله به رسله كما قال تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ ولهذا ذم الله الهوى في مواضع من كتابه
واتباع الهوى يكون في الحب والبغض كقوله تعالى ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ فهنا يكون اتباع الهوى هو ما يخالف الحق في الحكم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ
1 / 19
أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ فهنا يكون اتباع الهوى فيما يخالف القسط من الشهادة وغيرها والحق هو العدل واتباع الهوى في خلاف ذلك هو من الظلم
وقد نهى رسول الله عن اتباع أهواء الخلق وقال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ فنهاه عن اتباع أهواء الذين أوتوا الكتاب بعد ما جاءه من العلم
وكذلك قال تعالى: في الآية الأخرى ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾
وقال تعالى: ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾
فقد نهاه عن اتباع أهواء المشركين واتباع أهواء أهل الكتاب وحذره أن يفتنوه عما أنزل الله إليه من الحق وذلك يتضمن النهي عن اتباع أهواء أحد في خلاف شريعته وسنته وكذا أهل الأهواء من هذه الأمة
1 / 20
وقد بين ذلك في قوله تعالى ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾ فقد أمره في هذه الآية باتباع الشريعة التي جعله عليها ونهاه عن اتباع ما يخالفها وهي أهواء الذين لا يعلمون
ولهذا كان كل من خرج عن الشريعة والسنة من أهل الأهواء كما سماهم السلف
وقال تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾
وقال تعالى: ﴿اأَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾
وقال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
وقال تعالى: ﴿قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى﴾ إلى قوله ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾
1 / 21
وقال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ. وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾
فذكر الذين أوتوا العلم وهم الذين يعلمون أن ما أنزل إليه من ربه الحق ويفقهون ما جاء به وذكر المطبوع على قلوبهم فلا يفقهون إلا قليلا الذين اتبعوا أهوائهم يسألونهم ماذا قال الرسول آنفا وهذه حال من لم يفقه الكتاب والسنة بل يستشكل ذلك فلا يفقهه أو قرأه متعارضا متناقضا وهي صفة المنافقين
ثم ذكر صفة المؤمنين فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ﴾ زيادة الهدي وهو ضد الطبع على قلوب أولئك وآتاهم تقواهم وهو ضد اتباع أولئك الأهواء
فصاحب التقوى ضد صاحب الأهواء كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ وقال تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾
ولما كانت كل حركة وعمل في العالم فأصلها المحبة والإرادة وكل محبة وإرادة لا يكون أصلها محبة الله وإرادة وجهه فهي باطلة فاسدة كان كل عمل
1 / 22
لا يراد به وجهه باطلا فأعمال الثقلين الجن والإنس منقسمة منهم من يعبد الله ومنهم من لا يعبده بل قد يجعل معه إلها آخر وأما الملائكة فهم عابدون لله
وجميع الحركات الخارجة عن مقدور بني آدم والجن والبهائم فهي من عمل الملائكة وتحريكها لما في السماء والأرض وما بينهما فجميع تلك الحركات والأعمال عبادات لله متضمنة لمحبته وإرادته وقصده وجميع المخلوقات عابدة لخالقها إلا ما كان من مردة الثقلين وليست عبادتها إياه قبولها لتدبيره وتصريفه وخلقه فإن هذا عام لجميع المخلوقات حتى كفار بني آدم فلا يخرج أحد عن مشيئته وتدبيره وذلك بكلمات الله التي كان النبي ﷺ يستعيذ بها فيقول: "أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر" وهذا من عموم ربوبيته وملكه
وهذا الوجه هو الذي أدركه كثير من أهل النظر والكلام حتى فسروا ما في القرآن والحديث من عبادة الأشياء وسجودها وتسبيحها بذلك وهم غالطون في هذا التخصيص شرعا وعقلا أيضا
فإن المعقول الذي لهم يعرفهم أن كل شيء وكل متحرك وأن كان له مبدأ فلا بد له من غاية ومنتهى كما يقولون لها علتان فاعلية وغائية والذي
1 / 23
ذكروه إنما هو من جهة العلة الفاعلية وبعض المخلوقين كذلك يجعلونه من جهة العلة الغائية وهذا غلط
فلا يصلح أن يكون شيء من المخلوقات علة فاعلية ولا غائية إذ لا يستقل مخلوق بأن يكون علة تامة قط ولهذا لم يصدر عن مخلوق واحد شيء قط ولا يصدر شيء في الآثار إلا عن اثنين من المخلوقات كما قد بينا هذا في غير هذا الموضوع
وكذلك لا يصلح شيء من المخلوقات أن يكون علة غائية تامة إذ ليس في شيء من المخلوقات كمال مقصود حتى من الأحياء فالمخلوقات بأسرها يجتمع فيها هذان النقصان أحدهما أنه لا يصلح شيء منها أن تكون علة تامة لا فاعلية ولا غائية والثاني أن ما كان فيها علة فله علة سواء كان علة فاعلية أو غائية
فالله سبحانه رب كل شيء ومليكه وهو رب العالمين لا رب لشيء من الأشياء إلا هو وهو إله كل شيء وهو في السماء إله وفي الأرض إله وهو الله في السموات وفي الأرض لو كان فيهما إلهة إلا الله لفسدتا وما من إله إلا الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا
فعبادة المخلوقات وتسبيحها هو من جهة إلاهيته ﷾ وهو الغاية المقصودة منها ولها
1 / 24
وأما في الشرع فإن الله فصل بين هذا وبين هذا فقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾
فهذا السجود الذي فصل بين كثير من الناس الذي يفعلونه وكثير من الناس الذين لا يفعلونه طوعا وهم الذين حق عليهم العذاب ليس هو ما يشترك فيه جميع الناس من خلق الله وربوبيه الله تعالى إياهم وتدبيرهم
وكذلك فصل بين الصنفين في قوله تعالى ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾
وكذلك في قوله ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾
وهو سبحانه ذكر في الآية الأخرى سجود المخلوقات إلا الكثير من الناس لأنه ذكر الطوع فقط كما ذكر في التي قبلها أديان الناس فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فتضمنت هذه الآية حال المخلوقات إلا الجن فإنهم لم يذكروا باللفظ الخاص
1 / 25
لكنهم يندرجون في الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين فإنهم كما قالوا ﴿مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾
وقد ذكر طائفة من أهل العربية أنهم يدخلون في لفظ الناس أيضا
وقال سبحانه ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ. وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾
وفي الصحيحين حديث أبي ذر في سجود الشمس تحت العرش إذا غابت
وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ
1 / 26