وعلى هذا التفسير فجواب "لو" محذوف، وتقديره: لو أن قرآنا سيرت به الجبال لكان هذا القرآن العظيم. وحذف جواب "لو" إذا دل المقام عليه جائزٌ اكتفاء بمعرفة السامعين، كقول الشاعر:
فأقسم لو شيء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعًا
والتقدير: لو شيء أتانا سوى رسولك لرددناه.
والوجه الثاني: أن معنى الآية: لو أجبناكم فيما اقترحتم فسيَّرنا عنكم جبال مكة بهذا القرآن، وشققنا لكم به الأرض أنهارًا وعيونًا، وأحيينا لكم به الموتى حتى كلموكم، لتماديتم على كفركم بالرحمن.
ويدل لهذا التفسير الأخير أمور:
أحدها: أن جواب "لو" المحذوف تقدم ما يدل عليه في هذا التفسير، وهو قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ [الرعد/ ٣٠]، وقد قال بعده: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا﴾. فيكون المعنى: ولو أن قرآنًا سيرت به الجبال لكفروا بالرحمن. أي: لو فعلنا لهم ما طلبوا لما آمنوا.
بل قيل: إن ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ﴾ جواب "لو" مقدمٌ عليها بناءً على القول بجواز ذلك.
والأمر الثاني: إتيانه تعالى بعده بقوله: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾. ومعنى قوله: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ أفلم يعلم الذين آمنوا أن اللَّه لو شاء هدايتهم لهداهم، وحيث لم يشأ هداهم فلا ينفع فيهم تسيير الجبال، وتقطيع الأرض، وتكليم الموتى.