============================================================
4 - العنصر القبطي والادارة المملوكية: إن سياسة التعصب الديني التي شاعت أيام المماليك انطلاقا من مقولة الجهاد التي أطلقها في ذلك الحين السلطان الملك الظاهر بيبرس البندقداري، واعتمدها كأحد دعائم تركيز السلطنة المملوكية وتعبثة الطاقات الاسلامية لمواجهة المغول والفرنج، أدت في بدايات القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي إلى اتخاذ تدابير قاسية بحق النصارى خاصة، وإلى سوء معاملتهم، فابعدوا من كل وظائف الدولة وأعمالها، وشدد عليهم في تنفيذ ما كان مشروعا لهم من ركوب الدواب، وهدم كل ما شيد من صوامع اليهود وبيع النصارى منذ ظهور الاسلام، كما فرض عليهم لباس معين لتمييزهم عن المسلمين، وقد كتب مرسوم بذلك، ونشر في كل اصقاع الدولة من الفرات إلى النوبة، على أن هذا المرسوم كغيره، لم يلبث في الواقع، ان صار في زوايا الاهمال تدريجيا، لكن فرص إعادة تطبيقه كانت خطرا يتهدد هؤلاء من حين الى حين(1).
وعلى الرغم من كل ذلك فقد احتل العنصر القبطي مكانة مرموقة في دولة المماليك على غرار ما كان شائعا ايام الفاطميين (2) والايوبيين (2). فإن كثيرا من الاسر القبطية أسلمت وبرع افرادها في ميادين شتى، فكان منهم نوابع بلغوا المراتب العليا في الدولة، ومع ذلك فقد بقي في الدواوين المملوكية عدد كبير من الاقباط الذين استمروا على ديانتهم، ولعل السبب في ذلك أن دولاب العمل في الادارة المملوكية لم يكن يستطيع أن يستغني عن كفاءة الاقباط، حتى أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون قد أغضبته ثورة المسلمين ضد استخدام النصارى، وجابه اعتراضهم باعتماد الشدة (1) ابن ابي الفضائل، النهج 40: 38 -40؛ المقريزي، السلوك 3/1: 909- 913؛ الاسحاقي: أخبار الأول: 131 - موير، تاريخ دولة المعاليك: 74.
(2) ابن ميسر، تاريخ مصر: 2؛ ماجد نظم الفاطميين ورسومهم 1: 97 - 48.
11.14190.193(
पृष्ठ 84