نُزْهَةُ الْأَنَامِ فِي تَارِيخ الْإِسْلَامِ
«٦٢٨ هـ - ١٢٣٠ م / ٦٥٩ هـ - ١٢٦١ م»
تأليف
صَارم الدّين إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن ايْدمر العَلائي
الملقّب بِابْن دُقمَاق الْمُتَوفَّى ٨٠٩ هـ
دراسَة وَتَحْقِيق
الدكتور سَمَير طبَّارة
المكتبة العصرية
अज्ञात पृष्ठ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقديم
أتقدم بالشكر الجزيل لكل من أسهم معي في إنجاز هذا العمل، وأخصّ بهذا الشكر، الدكتور ناصح ميرزا، الذي أشرف على رسالتي هذه في جامعة ملبورن - أوستراليا (قسم الدراسات الشرق الأوسطية).
وكذلك أتقدم بالشكر في لبنان، لكل من الدكتور محمد حمادة الذي استحصل لي على نسخة من هذا المخطوط من المكتبة الوطنية في باريس، وأيضا الدكتور عمر تدمري الذي أعطاني من وقته القيّم لإطلاعي على بعض المصادر الهامة. كما أتقدم بشكري إلى الدكتور محمد أبو علي، الذي ساعدني في عملية ضبط الأوزان الشعرية في النص. وكذلك شكري العميق إلى الأستاذ العالم الدكتور إحسان عباس الذي اطّلع على رسالتي وأفادني بالكثير من إرشاداته وملاحظته المخلصة. كما لا يفوتني في الختام أن أتقدم بالشكر إلى زوجتي التي ساهمت معي في إنجاز هذا العمل من خلال دعمها وتشجيعها لي.
سمير طباره
1 / 5
تمهيد
من المميزات التي اتّسم بها عصر الدولة الأيوبية في الفترة الممتدة بين سنة ٦٢٨ و٦٥٩ هـ / ١٢٣٠ و١٢٦١ م - وهي الفترة التاريخية التي تضمّنتها أحداث المخطوطة - الصراع بين سلاطين الأسرة الأيوبية في مصر، وبين ملوك بلاد الشام الأيوبيين، والتي تمثّلت بالصراع في أكثر الأحيان بين الإخوة بعضهم مع بعض على السلطة. وكذلك الخطر الخارجي الذي تهدد الدولة الأيوبية متمثلا بأطماع الفرنجة الصليبيين بالاستيلاء على مدن الساحل الشامي وتهديدهم لمصر بالذات، متجسدا بحملة لويس التاسع على دمياط في سنة ٦٤٧ هـ / ١٢٤٩ م، وأيضا في غزو التتار لمدينة بغداد في سنة ٦٥٦ هـ / ١٢٥٨ م وتدميرهم لها، وزحفهم على بلاد الشام وتخريبهم لمدنه، حتى باتوا يشكلون خطرا داهما على مصر. فكان أن تصدى لهم سلطان مصر المملوكي الظاهر قطز على، «عين جالوت» في سنة ٦٥٨ هـ / ١٢٦١ م وردّهم على أعقابهم، موقفا ذلك الزحف الهمجي المخرّب لبلاد المسلمين.
وبعد، تلك هي السمات التي تميزت بها الفترة التاريخية لعهد الدولة الأيوبية من خلال مخطوطة «نزهة الأنام» والتي ذكرها مؤرخنا ابن دقماق في مؤلفه سنة بعد سنة، مما يعرف بالتأريخ الحولي.
ومن هذا المنطلق عمدت الى وضع دراسة شاملة لفحوى هذا المخطوط من خلال الكثير من المصادر المعاصرة للفترة الأيوبية، بالإضافة الى وضع مقدمة من ثلاثة فصول، تتضمن دراسة عن هذا المخطوط على النحو التالي:
1 / 7
الفصل الأول:
يتضمن هذا الفصل دراسة عن حياة ابن دقماق ومكانته العلمية بين معاصريه من المؤرخين في مصر، كما يتضمن وصفا للمخطوط وأجزائه.
الفصل الثاني:
ويتضمن دراسة للمصادر التاريخية للفترة الزمنية الممتدة ما بين سنة (٦٢٨ و٦٥٩ هـ / ١٢٣٠ - ١٢٦١ م)، وهي الفترة الزمنية المعاصرة لأحداث هذا المخطوط، كما يتضمن هذا الفصل دراسة للعديد من المصادر المتأخرة التي أرّخت لتلك الحقبة.
الفصل الثالث:
يتضمن هذا الفصل دراسة عن العصر الذي عاش فيه ابن دقماق من خلال النشاطات العلمية والأدبية التي شهدتها مصر في عهد المماليك.
1 / 8
الفصل الأول
ابن دقماق ونزهة الأنام
(دراسة عن حياة المؤلف والمخطوط)
التعريف بالمؤلف
هو صارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر العلائي المعروف بابن دقماق القاهري الحنفي، مؤرخ الديار المصرية. ومصدر كلمة دقماق مشتق من الكلمة التركية «تقماق» ومعناها المطرقة (١). ولقد أخطأ الكثيرون من المؤرخين عندما أشاروا الى أنّ دقماق هو جده لأبيه، وأن مؤرخنا هو إبراهيم بن محمد بن دقماق (٢).
أما والده محمد بن أيدمر فإننا نجهل حقيقة أمره، حيث لا تطالعنا المصادر بمعلومات وافية عنه، سوى ما وجدناه عند العسقلاني (٣) من أن والد ابن دقماق محمدا، كان «دوادار» بدر الدين ابن خالة القلانسي وأنه توفي في الحادي والعشرين من شوّال سنة ٧٦١ هـ / ١٣٥٩ م بالعقيبة.
وأما جده أيدمر العلائي الذي لقبه دقماق فإننا أيضا لم نجد الشيء الكثير عن حياته وأثره سوى ما ذكره لنا ابن حجر العسقلاني من أنه كان متوليا نقابة العساكر المصرية آنذاك وكان من خيرة المتولين، وظل كذلك الى أن توفي في رجب سنة ٧٣٤ هـ / ١٣٣٣ م (٤).
ونعود إلى مؤرخنا ابن دقماق صارم الدين إبراهيم، حيث أجمعت المصادر التاريخية على
_________
(١) انظر دائرة المعارف الإسلامية ١/ ١٦٠ وآداب اللغة العربية ٣/ ١٨٨
وE .I ٢. III .p .٧٧٩.
(٢) أنظر السخاوي في الضوء اللامع ١/ ١١، كشف الظنون ٥/ ١٨، المنهل الصافي ١/ ١٢٠، حسن المحاضرة ١/ ٢٦٦.
(٣) أنظر الدرر الكامنة ٣/ ٣٩٤.
(٤) المصدر السابق ١/ ٤٣٠.
1 / 9
أنه ولد في حدود سنة ٧٥٠ هـ / ١٣٤٩ م وتوفي في حدود سنة ٨٠٩ هـ / ١٤٠٦ م (١).
ولم نجد من خالف هذا التاريخ سوى السيوطي وحاجي خليفة، حيث ذكرا تاريخ وفاته في حدود سنة ٧٩٠ هـ / ١٣٨٨ م (٢). وإن كان حاجي خليفة يعود ليستدرك فيشير في كتابه أكثر من مرة الى وفاته في سنة ٨٠٩ هـ / ١٤٠٦ م (٣).
نشأته:
لم نقع في أغلب المصادر التي ترجمت لابن دقماق على مبدأ حياته العملية أو العلمية بشيء من التفصيل، بل كل ما وجدناه عنه هو شذرات يسيرة تعطينا فكرة واضحة عن خلفيات نشأته، وتشير تلك المصادر في أغلبها إلى أنّ ابن دقماق مؤرخنا كان في بداية أمره متزييا بزيّ الجند، ثم حبب إليه العلم فطلبه وتفقه يسيرا بجماعة من فقهاء الحنفية واتجه الى الادب، ثم حبب إليه التاريخ ومال اليه بكليته (٤).
ولقد ذكره السخاوي (٥) وقال عنه: «إن تصانيفه في التأريخ كانت مفيدة وجيدة واطلاعه كثير واعتقاده حسن، ولم يكن عنده فحش في كلامه ولا في خطه». وذكره المقريزي فقال عنه: «إنه أكب على التاريخ حتى كتب فيه نحو مئتي سفر من تأليفه وغير ذلك. وكتب تاريخا كبيرا على السنين وآخر على الحروف وأخبار الدولة التركية في مجلدين، وسيرة للظاهر برقوق وطبقات الحنفية امتحن بسببها، وكان عارفا بأمور الدولة التركية مذاكرا بجملة أخبارها مستحضرا لتراجم أمرائها، يشارك في غيرها مشاركة جيدة» (٦).
ولقد وقعت لابن دقماق فتنة قاسى منها بسبب ما نسب إليه في وقوعه بحق الإمام الشافعي، وتفصيل الأمر أنه في سنة ٨٠٤ هـ / ١٤٠١ م وجد بخط ابن دقماق كلام بحق الإمام الشافعي فاستجوب بذلك في مجلس القاضي الشافعي، فذكر أنه نقله من كتاب عند أولاد الطرابلسي، فكان أن حكم القاضي جلال الدين عليه بالضرب والحبس، وقيل إنه لم
_________
(١) انظر الضوء اللامع ١/ ١١، شذرات الذهب ٨/ ٨٠، الأعلام للزركلي ١/ ٦٤، آداب اللغة العربية ٣/ ١٨٨، معجم المؤلفين ١/ ٨٦، المنهل الصافي ١/ ١٢٠، نزهة النفوس والأبدان ٢/ ٢٣٧.
(٢) أنظر حسن المحاضرة ١/ ٢٦٦ وكشف الظنون ٥/ ١٨.
(٣) أنظر كشف الظنون ٢/ ١١٥١ و١٩٤١ و١٩٦١ ودائرة المعارف الاسلامية ١/ ١٦١.
(٤) أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٦، شذرات الذهب ٨/ ٨١، المنهل الصافي ١/ ١٢٠.
(٥) أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٦.
(٦) القول هنا ما يزال للسخاوي نقلا عن المقريزي. أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٦، شذرات الذهب ٨/ ٨١.
1 / 10
يكن المذكور يستأهل ذلك (١).
ثقافته:
لم يكن صارم الدين ابن دقماق ضليعا بثقافة أدبية ولغوية تجعلان منه مؤرخا على قدر من البلاغة ومتانة في اللغة العربية، وإن كان كما ذكره بعض المؤرخين غزير الإنتاج في كتاباته التاريخية، حيث قال عنه السخاوي نقلا عن المقريزي: إنه كتب ما يزيد على مائتي سفر منها (٢).
ولا شك أن مؤرخنا هذا الذي عاش في العصر المملوكي وكان عارفا بأمور الدولة التركية ومتأثرا بطابعها، تأثر أيضا وإلى حد بعيد بثقافة ذلك العصر التي غلب عليها طابع العامية في الكتابة عند أكثر المؤرخين، وانتشار اللغة التركية في تلك الحقبة.
ورغم ذلك فلقد وصف بعض المؤرخين ابن دقماق بأنه لم يكن عنده فحش في كلامه ولا في خطه (٣)، غير أنه رغم اشتغاله بالأدب كان عريا عن العربية فلهذا وقعت عبارته خارجة عن قواعد العربية. وقال عنه السخاوي: «كان يحب الأدبيات مع عدم معرفته بالعربية» (٤).
أخلاقه:
لقد أجمع المؤرخون على أن صارم الدين إبراهيم ابن دقماق كان جميل العشرة كثير الفكاهة، حسن الود، قليل الوقيعة في الناس (٥). قال عنه ابن العماد نقلا عن المقريزي:
«كان جميل العشرة فكه المحاضرة كثير التودد، حافظا للسانه من الوقيعة في الناس، لا تراه يذم أحدا من معارفه بل يتجاوز عن ذكر ما هو مشهور عنهم مما يرمي به أحدهم ويعتذر بكل طريق» (٦).
_________
(١) أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٦، المنهل الصافي ١/ ١٢٠.
(٢) أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٦، الشذرات ٨/ ٨١.
(٣) أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٦، المنهل الصافي ١/ ١٢٠.
(٤) أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٥.
(٥) المصدر السابق ١/ ١٤٥.
(٦) شذرات الذهب ٨/ ٨١ والمنهل الصافي ١/ ١٢٠ - ١٢١.
1 / 11
حياته العملية:
ذكرت بعض المصادر أنه في آخر أيامه تولى إمرة دمياط، فلم يفلح بها ولم تطل مدته فيها ورجع الى القاهرة، فمات بها في ذي الحجة سنة ٨٠٩ هـ / ١٤٠٦ م وقد جاوز الستين (١).
مكانته بين علماء عصره:
مما لا شك فيه أن ابن دقماق كان من أبرز مؤرخي عصره، نظرا لوفرة تصانيفه في كتابة التاريخ وتنوعه في موضوعاته، ومما كان يعزز هذا الرأي ما أشار اليه كل من المقريزي (ت ٨٤٥ هـ / ١٤٤١ م) وابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ / ١٤٤٨) وابن تغري بردي (ت ٨٧٤ هـ / ١٤٦٩ م)، إلا أن العديد من مؤرخي ذلك العصر قد أخذوا عنه ونقلوا من كتبه وخطه الشيء الكثير.
ويذكر شمس الدين السخاوي (٢) (ت ٩٠٢/ ١٤٩٦ م) أن شيخه، ويقصد به ابن حجر العسقلاني، اعتمد ابن دقماق وأن غالب ما نقله من خطه ومن خط ابن الفرات عنه، مما يعني أيضا أن ابن الفرات (ت ٨٠٧ هـ / ١٤٠٤ م) أخذ عن ابن دقماق وكذلك البدر العيني (ت ٨٥٥ هـ / ١٤٥١ م)، ويضيف أن البدر العيني يكاد يكتب منه الورقة الكاملة متوالية (٣).
ويؤكد ابن حجر العسقلاني ما جاء سابقا أنه اجتمع بصارم الدين إبراهيم ابن دقماق كثيرا وغالب ما ينقله من خطه ومن خط ابن الفرات عنه (٤). ولا يفوتنا ذكر المقريزي عن صحبته لابن دقماق ومجاورته وملازمته له سنين كثيرة (٥)، وإذا ما نظرنا إلى ما جاء في دائرة
_________
(١) أنظر الضوء اللامع ١/ ١١، المنهل الصافي ١/ ١٢٠ - ١٢١.
(٢) أنظر الضوء اللامع ١/ ١١ ودائرة المعارف الإسلامية ١/ ١٦٠.
(٣) باطلاعنا على الجزء الأول من كتاب عقد الجمان (حوادث ٦٤٨ - ٦٦٤ هـ) للبدر العيني، الذي حققه الدكتو محمد محمد أمين بالقاهرة ١٩٧٨، وهو الجزء الذي يشترك ببعض السنين مع أحداث مخطوطة ابن دقماق نزهة الأنام، لم نجد ما يشير إلى أن العيني نقل عن ابن دقماق، بل إنه اعتمد على العديد من المصادر المتنوعة التي كان يشير إليها في كتابه عندما يتعرض لحدث من الأحداث أو ترجمة من التراجم. قارن ما جاء عند العيني في ذكره لأحداث سنة ٦٤٨ هـ و٦٥٦ هـ في عقد الجمان، الجزء الأول.
(٤) أنظر إنباء الغمر في انباء العمر ١/ ٤.
(٥) أنظر الضوء اللامع ١/ ١٤٦، الشذرات ٨/ ٨١، المنهل الصافي ١/ ١٢٠ - ١٢١.
1 / 12
المعارف الاسلامية لوجدنا أن المقريزي قد تتلمذ على يد ابن دقماق مدّة من الزمن كما أثبته «فولرز» في مقدمة كتاب ابن دقماق «الانتصار لواسطة عقد الامصار»، حيث أشار إلى أنه رغم أن المقريزي قد تتلمذ على يد ابن دقماق فإنه لم يستطع أن يستفيد من مصنفات استاذه، وأن ابن دقماق قد استمد من مصادر أهم من التي اعتمد عليها المقريزي (١)، كما أن السيوطي (ت ٩١١ هـ) ذكر في مقدمة كتابه «حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة» بأنه اعتمد في تأليف هذا الكتاب على مؤلفات كثيرة ومنها كتاب طبقات الحنفية لابن دقماق (٢).
مؤلفاته:
مما لا شك فيه أن مؤرخنا إبراهيم بن محمد بن أيدمر الملقب بابن دقماق، كان من أبرز مؤرخي الديار المصرية في وقته، كتب نحو مئتي مؤلف في التاريخ من تأليفه ومنقوله. وكان معروفا بالانصاف في تواريخه. وبالرغم من غزارة كتاباته في التاريخ وغيره فإنه لم يبق منها إلا القليل المبعثر في مكتبات العالم، منها:
- الانتصار لواسطة عقد الأمصار:
ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون مشيرا إلى أنه في عشرة مجلدات، لخص منه كتابا سمّاه: «الدرة المضية في فضل مصر والإسكندرية» (٣).
والجدير بالذكر أن كتاب الانتصار قد نشر منه «فولرز» المجلدين الرابع والخامس عن نسخة بخط مؤلفها تحتفظ بها دار الكتب المصرية تحت الرقم ١٢٤٤ تاريخ، طبع بمصر سنة ١٣٠٩ و١٣١٠ هـ / ١٨٩١ - ١٨٩٢ م مع فهارس مطولة للأعلام وفيهما وصف مطول للفسطاط وأسواقها وجوامعها ومدارسها وسائر أبنيتها وشوارعها، وكذلك الإسكندرية وضواحيها وجانب كبير من قرى مصر وبلادها (٤).
- ترجمان الزمان في تراجم الأعيان:
كتاب في التاريخ مرتب على الحروف ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١/ ٣٩٦
_________
(١) أنظر دائرة المعارف الاسلامية ١/ ١٦١
وVollers:Description de l'Egypte Par Ibn Dukmak P .٢٤.
(٢) أنظر مقدمة كتاب حسن المحاضرة - الجزء الأول.
(٣) أنظر كشف الظنون ١/ ١٧٤.
(٤) أنظر تاريخ آداب اللغة العربية ٣/ ١٨٩.
1 / 13
وكحالة في معجم المؤلفين ١/ ٨٧ ودائرة المعارف الإسلامية بالعربية ١/ ١٦٠.
- الجوهر الثمين في سير الملوك والسلاطين:
كتاب عن تاريخ مصر الى سقوط السلطان برقوق. حققه مؤخرا محمد كمال الدين عز الدين علي ونشره في جزأين من منشورات عالم الكتب - بيروت ١٩٨٣.
- الدرّة المنضّدة في وفيات أمة محمد:
ذكره كحالة في معجم المؤلفين ١/ ٨٧.
- الدرة المضية في فضل مصر والاسكندرية:
ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١/ ١٧٤ وهو كما ذكرنا سابقا مقتطف من كتاب الانتصار لواسطة عقد الأمصار.
- عقد الجواهر في سيرة الملك الظاهر:
ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١/ ١١٥١ وكحالة في معجم المؤلفين ١/ ٨٦.
- فرائد الفوائد:
كتاب في تفسير الأحلام، ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ٢/ ١٢٤٣ ودائرة المعارف الإسلامية بالعربية ١/ ١٦٠.
- الكنوز المخفية في تراجم الصوفية:
له ذكر في دائرة المعارف الإسلامية ١/ ١٦٠.
- نظم الجمان في طبقات أصحاب إمامنا النعمان:
كتاب في ثلاثة أجزاء يتناول الأول منها مناقب الإمام أبي حنيفة والثاني والثالث أصحابه. ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ٢/ ١٩٦١ والزركلي في الأعلام ١/ ٦٤ وكحالة في معجم المؤلفين ١/ ٨٦.
- ينبوع المزاهر في سيرة الملك الظاهر:
ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١/ ٣٧٨ وأيضا دائرة المعارف الاسلامية ١/ ١٦٠ وهو كتاب مختصر عقد الجواهر.
1 / 14
- نزهة الأنام في تاريخ الإسلام:
وهو موضوع دراستنا وتحقيقنا وهو كتاب تاريخ مرتب على السنين انتهى به مؤلفه عند سنة ٧٧٩ هـ / ١٣٧٧ م ويقع في حوالى ١٢ مجلدة (١)، منه قطعة من سنة ٤٣٦ الى سنة ٥٥٢ هـ في «غوطا» بخط المؤلف وقطعة أخرى من سنة ٦٢٨ الى سنة ٦٥٩ هـ في باريس (وهي التي اعتمدناها في تحقيقنا) ومن سنة ٧٠١ الى سنة ٧٤٢ هـ ومن ٧٦٨ الى سنة ٧٧٩ هـ في معهد «غوطا» وفي دار الكتب المصرية قطعة في ٨٠ صفحة تبدأ بسيرة الملك المنصور علي من سنة ٧٧٨ الى سنة ٨٠٤ هـ (٢).
أجزاء المخطوطة وأماكن وجودها:
منذ أن استحصلت على نسخة مصورة «ميكرو فيلم» لجزء من أجزاء هذا المخطوط نزهة الأنام لابن دقماق، وهو الجزء الموجود في المكتبة الأهلية في باريس تحت الرقم ٥٩٧ أو الذي يتعرض لحوادث ووفيات من سنة ٦٢٨ هـ / ١٢٣١ م وحتى سنة ٦٥٩ هـ / ١٢٦١ م، وهي الفترة الممتدة من الثلث الأخير من العصر الأيوبي وحتى بداية عصر المماليك في مصر، وهي فترة هامة من تاريخ مصر وبلاد الشام لامتلائها بالأحداث الهامة والمؤثرة، آليت على نفسي أن أتتبع أجزاء هذا المخطوط وأماكن انتشارها قدر المستطاع، ومعرفة ما إذا كان هناك أكثر من نسخة مشابهة للنسخة التي استحصلت عليها من المكتبة الأهلية في باريس. وفي الواقع بدأت البحث ضمن إطار يتبعه عادة أغلب الباحثين وهو الاطلاع على فهارس ومصنفات متخصصة في هذا الحقل أو موسوعات تشير إلى أماكن وجود مثل هذه المخطوطات، إلا أنه لم تكن هناك أيّة معلومات تفيد سوى ما وجدناه في الموسوعة الإسلامية بالعربية والإنكليزية عن ذكر لاسم المخطوط نزهة الأنام مع ذكر عدد مجلداته من دون أي تفاصيل (٣).
إلا أننا وقعنا على تفاصيل وافية وجدناها في تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان أفادتنا كثيرا وأضاءت لنا طريق بحثنا عن حقيقة المخطوط. وفي الواقع إن هذه التفاصيل هي
_________
(١) أنظر كشف الظنون ٢/ ١٩٤١، دائرة المعارف الإسلامية بالعربية ١/ ١٦٠، الأعلام للزركلي ١/ ٦٤، عصر سلاطين المماليك ٣/ ١٠٩.
(٢) أنظر تاريخ آداب اللغة العربية ٣/ ١٨٨.
(٣) أنظر دائرة المعارف الاسلامية ١/ ١٦١
وE .I ٢. III .p .١٥٦.
1 / 15
في الأصل مأخوذة عن ملحق كتاب بركلمان (١)، وفيها وصف للمخطوط وما يتضمنه من أجزاء منتشرة في العالم وأن نزهة الأنام أكثره عن تاريخ مصر مرتب على السنين الى سنة ٧٧٩ هـ في ١٢ مجلد، منه قطعة من سنة ٤٣٦ الى سنة ٥٥٢ هـ في معهد «غوطا» بألمانيا بخط المؤلف وقطعة أخرى من سنة ٦٢٨ الى سنة ٦٥٩ هـ في باريس وقطعتان من سنة ٧٠١ الى سنة ٧٤٢ ومن سنة ٧٦٨ الى سنة ٧٧٩ هـ في معهد «غوطا» أيضا، وفي دار الكتب المصرية قطعة من ٨٠ صفحة تبدأ بالملك المنصور علي من سنة ٧٧٨ الى سنة ٨٠٤ هـ كما أسلفنا.
وباطلاعنا على مقدمة الجزء الأول من كتاب الجوهر الثمين لابن دقماق الذي حققه محمد كمال الدين عز الدين علي سنة ١٩٨٣ وجدناه يشير إلى كتاب نزهة الأنام على أنه ما يزال مجلدا مخطوطا بخط مؤلفه تحتفظ به المكتبة الوطنية في باريس تحت الرقم ١٥٩٧.
وخلاصة الأمر أن نزهة الأنام في تاريخ الإسلام الجزء الذي يبدأ من سنة ٦٢٨ وينتهي بسنة ٦٥٩ هـ والذي تحتفظ به المكتبة الأهلية في باريس تحت الرقم ١٥٩٧ هو النتيجة الوحيدة المتوفرة وهي بخط مؤلفها، ونحن بدورنا قد أخذنا صورة شمسية من ميكرو فيلم استحصلنا عليه من المكتبة المذكورة.
وفي الختام يظل دائما هناك المزيد من الدقة والتحري قد نكون قصّرنا عنهما أو فات إستدراكهما. ولكننا في الوقت نفسه حاولنا جاهدين بقدر الإمكان أن نلم بشيء من الحقيقة في كشف اللثام عن هذا المخطوط وأجزائه وأماكن انتشارها في مكتبات العالم، غير مدعين أننا بلغنا غاية الكمال في ذلك، فإنه يظل ينقص الباحث جوانب كثيرة لا تتضح معالمها إلا مع مرور الزمن أو أن يكون قد غاب عنه ذلك فاستدركه الآخرون، ونرجو أن يعذرنا المطلعون على كل نقص والله ولي التوفيق.
النسخة التي اعتمدنا عليها للتحقيق:
بعدما أشرنا سابقا إلى أجزاء المخطوط وأماكن انتشاره وأثبتنا أنّ النسخة التي اعتمدنا تحقيقها من نزهة الأنام في تاريخ الإسلام والموجودة في المكتبة الوطنية في باريس تحت الرقم ١٥٩٧ هي النسخة الوحيدة بخط مؤلفها لذلك اعتمدناها كنسخة وحيدة.
_________
(١) أنظر Brockelmann Supplement .G .II .p .٥٠ (٦٢) وأيضا تاريخ آداب اللغة العربية ٣/ ١٨٨.
1 / 16
وصف المخطوطة:
عدد ورقات هذه المخطوطة ١٣٤ ورقة وعدد الأسطر في كل صفحة ١٧ سطرا ومعدل كلمات السطر الواحد عشر كلمات تقريبا، الخط نسخي تتخلله عناوين السنين بخط كبير.
ويبدو أن أول صفحات من المخطوط ناقصة بدليل وجود ذكر لأحداث ووفيات سنة ٦٢٧ هـ وقعنا على ذكر آخرها وهو ترجمة لعبد السلام اللخمي المعروف بابن برجان.
وما قبله من أحداث ووفيات تلك السنة ناقص من صفحات المخطوط.
ونعود إلى أولى صفحات المخطوط حيث توجد ورقة مضافة تشير في بداية المخطوط باللغة الفرنسية الى انتقال ملكية هذا المخطوط الذي وجد بالمنصورة الى المكتبة الوطنية بباريس بتاريخ ٢ كانون الأول ١٨٧١ وعلى الزاوية العليا من الجهة اليسرى للورقة نفسها توجد عبارة كتبت بالعربية تشير الى عنوان الكتاب وهي.
«نزهة الأنام في تاريخ الاسلام بخط مؤلفه ابراهيم بن محمد بن أيدمر دقماق، كما ذكر بآخره، أوله من سنة ٦٢٨ الى سنة ٦٥٩». وفي الصفحة الأخيرة ١٣٤ ب يوجد بياض ربما هي الصفحة التي تشير إلى مؤلف الكتاب وخاتمته.
أسلوب المؤلف في الكتابة والنقد التأريخي:
قبل أن نخوض في أسلوب المؤلف في الكتابة ونقله للأحداث من خلال مؤلفه «نزهة الأنام» لا بد أن نشير إلى أن مؤرخنا ابن دقماق اعتمد في كتابة مصنفه على الاسلوب الذي درج عليه الكثير من المؤرخين العرب في العصور الوسطى، فنقل الأحداث وتراجم الوفيات سنة بسنة وهذا ما يعرف بالتأريخ الحولي.
إن المتفحص المطلع على لغة المخطوط وأسلوبه الانشائي ليجد في كثير من الأحيان أنّه لا يعنى من قريب أو بعيد بقواعد اللغة العربية، بل توجد فيه الكثير من الألفاظ العامية، وهذا ليس بالغريب لأن ابن دقماق لم يكن مضطلعا بثقافة أدبية ولغوية تجعلان منه مؤرخا على قدر من البلاغة والمتانة في اللغة العربية، كما أشرنا سابقا عندما تعرضنا لذكر ثقافته.
ومن السمات المميزة أيضا في أسلوب ابن دقماق الكتابي عدم تقيّده بقواعد كتابة الهمزة، فإنه لا يشير إليها في كثير من الأحيان في مواضعها من الكلمة، سواء كانت الهمزة على كرسي الياء مثل بوايقها بدلا من بوائقها، أيمة بدلا من أئمة، أو كانت الهمزة في الوسط مثل سال
1 / 17
بدلا من سأل، روسا بدلا من رؤساء، أو كانت الهمزة على الألف الممدودة أو المقصورة في آخر الكلمة مثل التجا بدلا من التجأ، ابتدا ليلا من ابتدأ نجي بدلا من نجئ وهكذا -
وهذا أسلوب سار عليه أكثر المصنفين في عصر المماليك.
ومن الأخطاء الإملائية خلاف قواعد كتابة الهمزة استعماله الألف الممدودة بدلا من الألف المقصورة في آخر الكلمة، مثال اعطا بدلا من أعطى، نفا بدلا من نفى، لاقا بدلا من لاقى وكذلك سقوط الألف في الاعداد مثل ثلثين بدلا من ثلاثين وكذلك سقوط الألف في بعض الاسماء مثل اسمعيل بدلا من اسماعيل، عبد السلم بدلا من عبد السلام، هرون بدلا من هارون وهكذا.
النقد التأريخي:
بعد أن قدمنا لأسلوب المؤلف في الكتابة وما أشرنا اليه من ملاحظات لغوية، لا بد لنا من الإشارة الى النقد التأريخي للمؤلف فنشير هنا الى عدّة أمور منها:
أولا: تنوع طرقه في النقل من المصادر ما بين النقل الحرفي أو التلخيص بعبارة الأصل أو بعبارته.
ثانيا: التداخل في النقل بين المصادر المختلفة المعنية بالحدث أو بالشخصية المترجم لها في موضوع واحد، فيما يعرف بالجمع التأليفي.
ثالثا: عدم إشارته الى مصادر النقل عن المصادر في بعض الأحيان.
رابعا: عدم إشارته للحدث في زمان وقوعه، فأحيانا يورده مسبقا وأحيانا أخرى متأخرا، وسوف نورد بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر.
أ - في إيراده الخبر مسبقا:
مثال: ذكره لزواج ابنة السلطان الكامل عاشوراء من الملك الناصر داوود (١). وكذلك ذكره خبر انقلاب الخوارزمية على الملك نجم الدين أيوب ابن السلطان الكامل، مسبقا لأن هذه الواقعة حصلت بعد وفاة السلطان الكامل، فأشار اليها ابن دقماق قبل ذلك (٢). وأيضا
_________
(١) أنظر المخطوطة الورقة (٢١ ب) و(٢٢ أ).
(٢) أنظر المخطوط الورقة (٢٤ ب) و(٢٨ أ).
1 / 18
إيراده خبر وصول إبنة السلطان علاء الدين كيقباذ صاحب الروم مسبقا عن غيره من المؤرخين (١).
ب - إيراده الخبر متأخرا:
مثال ذكره لخبر استشهاد نجم الدين ابن شيخ الاسلام، أورده متأخرا عن ما ذكره أغلب المؤرخين (٢).
خامسا: عدم دقته في تحري الخبر وفهمه للنص في بعض الأحيان.
مثال ذكره لزواج الملك الناصر صاحب حلب من ابنة السلطان الكامل، والصواب هو زواج الملك الناصر داوود صاحب الكرك منها (٣). وكذلك إشارته الى حرق العقيبة والطواحين من قبل السلطان الكامل، والصواب هو من قبل الملك الصالح اسماعيل (٤). وأيضا إشارته الى خطبة الأمير فارس الدين آقطاي ابنة الملك المظفر صاحب حماه من والدها وهو خطأ لأن المظفر كان متوفّى قبل ذلك الوقت بكثير (٥).
سادسا - التكرار: وقع ابن دقماق في بعض الأحيان في خطأ التكرار كأقرانه من بعض المؤرخين، مثالا على ذلك ذكره ترجمة السلطان علاء الدين ابن كيخسروا مرتين، واحدة في سنة ٦٣٤ هـ / ١٢٣٦ م وأخرى في سنة ٦٣٥ هـ / ١٢٣٧ م (٦). وكذلك إيراده خبر اتفاق «منكوخان» مع أخيه هولاكو للتوجه لقصد بلاد الملاحدة في سنة ٦٥٠ هـ ثم عاد وأشار الى مثل هذا الخبر في سنة ٦٥١ هـ / ١٢٥٣ م (٧).
سابعا: عدم ربط الخبر وتجزئته: مثالا على ذلك إيراده خبر اختلاف عسكر مصر على الملك الصالح نجم الدين أيوب كخبر منفصل (٨). كذلك إيراده خبر وصول التتار الى قرب بغداد وإلزام الناس بالمبيت بالأسواق، أشار إليهما ابن دقماق كأنهما خبرين منفصلين (٩).
_________
(١) أنظر المخطوط الورقة (٩٣ أ).
(٢) أنظر المخطوط الورقة (٧٩ أ).
(٣) أنظر المخطوط الورقة (٢١ ب) و(٢٢ أ).
(٤) أنظر المخطوط الورقة (٢٧ أ).
(٥) أنظر المخطوط الورقة (٩٥ أ).
(٦) أنظر المخطوط الورقة (٢٢ ب) و(٢٧ ب).
(٧) أنظر المخطوط الورقة (٩٣ أ) و(٩٥ أ).
(٨) أنظر المخطوط الورقة (٤٧ ب).
(٩) أنظر المخطوط الورقة (٧٨ ب).
1 / 19
ثامنا: خلط ابن دقماق بين الروايات: مثالا على ذلك خلطه بين ثورة الأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحي بصعيد مصر وبين ثورة العربان بقيادة حصن الدين بن ثعلب (١).
وكذلك نسب خطأ الى زين الدين ابن الزبير تولي الوزراة بعد مقتل الوزير شرف الدين الفائزي (٢).
النقد التحليلي للمخطوط:
إن المتفحص المدقق لما تحتوي عليه مخطوطة نزهة الأنام من مواضيع، ليجد أن مضمونها يقسم الى ثلاثة مواضيع رئيسية تتلخص بما يلي:
أولا - وجود تراجم كثيرة لأعلام من ملوك وسلاطين وأمراء وأعيان وفقهاء وعلماء وأدباء وشعراء، ترجم لها المؤلف ضمن سياق التأريخ الحولي حسب سنة الوفاة. ومن الملاحظ من خلال الكثير من هذه التراجم أن فيها مادة شعرية غزيرة دوّنها المؤلف في مخطوطته بعد ما استقاها من المصادر التي أخذ عنها هذه التراجم أو من دواوين أشعارهم التي يذكر أنه ملكها وأخذ عنها تلك الأبيات الشعرية.
ثانيا - ذكر للأحداث السياسية الهامة التي تناولها ذلك العصر من سنة ٦٢٨ هـ / ١٢٣٠ م الى سنة ٦٥٩ هـ / ١٢٦٠ م، وما تخللها من صراعات وحروب بين ملوك وأمراء الدولة الأيوبية في مصر والشام وما واجهته من أخطار خارجية تمثلت بمواجهة الخطر الصليبي الزاحف نحو بلاد المشرق الإسلامي، وغزو التتار لبلاد المسلمين وتدميرهم مركز الخلافة الإسلامية في بغداد وتخريبهم بلاد الشام، وما واجهته أيضا من خطر داهم كان وبالا على الدولة الأيوبية وعجّل في سقوطها، ألا وهو بروز عنصر جديد تمثل بظهور المماليك في مصر وقتلهم للسلطان الأيوبي تورنشاه واستيلائم على الحكم في مصر ومن ثم تهديدهم لبقايا الدولة الأيوبية في بلاد الشام.
ومن الملاحظ أن ابن دقماق تناول ذكر كل هذه الأحداث سنة بعد سنة كأخبار وحوادث متفرقة، ليس فيها عامل الربط التاريخي لوحدة الموضوع، وهو ما يعد من مساوئ التأريخ الحولي إن جاز التعبير، حيث إن هذا النمط من التأريخ يفكك من وحدة الخبر ويضيّعه بين
_________
(١) أنظر المخطوط الورقة (٩٨ ب).
(٢) أنظر المخطوط الورقة (١٠٣ ب).
1 / 20
ثنايا لأحداث الكثيرة والمتراكمة ضمن أحداث السنة الواحدة.
ثالثا - ذكر أخبار الطرائف والعجائب والكوارث الطبيعية والأوبئة. ومن أمثلة أخبار الطرائف والعجائب ما ذكره ابن دقماق في سياق سنة ٦٣٤ هـ / ١٢٣٦ م عن قصد جماعة في بغداد لزيارة صديق لهم مريض ليعودوه على سطح داره، وكانوا سبعة أشخاص فوقع السقف الذي هم عليه وماتوا جميعا ما خلا المريض (١). وأيضا ذكره لخبر امرأة ولدت في بغداد أربعة أولاد في بطن واحد، توفي واحد منهم وأحضر الثلاثة الباقون الى دار الخلافة فاستعجبوا لها واعطيت ما قيمته الف دينار (٢). وكذلك ما ذكره عن وصول شخص صغير الخلقة جدا الى بغداد، يقال له أبو منصور الأصبهاني، طوله ثلاثة أشبار ولحيته طويلة، وعمره إذ ذاك خمس وأربعون سنة، فأحضر الى الخليفة، فأنعم عليه وأجري له راتب (٣).
ومن الملفت للنظر أن جميع هذه الطرائف والعجائب قد وقعت في بغداد، وأن ابن دقماق ربما يكون قد استقاها من مصادر بغدادية مباشرة أو نقلها عن نقلتها من مصادرها الأصلية البغدادية. (راجع ما علقنا عليه في الحواشي عندما تعرضنا لتحقيق هذه الطرائف والعجائب في أماكنها من المخطوط).
ومن أمثلة الكوارث الطبيعيّة ذكره للزلزال الذي وقع في بغداد ثلاث مرات في سياق أحداث سنة ٦٤١ هـ / ١٢٤٣ م، فنظم الشعراء بهذه المناسبة أشعارا كثيرة (٤). وأيضا ذكره لظهور النار بأرض عدن في سياق سنة ٦٥٢ هـ / ١٢٥٤ م في بعض جبالها يطير منها شرار في البحر في الليل ويصعد منها دخان بالنهار (٥). وذكره في سياق سنة ٦٥٤ هـ / ١٢٥٦ م الغرق العظيم ببغداد الذي هلك فيه خلق عظيم تحت الردم وبقيت المراكب تمشي في أزقة البلد (٦).
ومن أمثلة الأوبئة ما ذكره ابن دقماق في سياق سنة ٦٣٣ هـ / ١٢٣٥ م، حصول وباء عظيم بمصر والقاهرة مات فيه خلق كثير واستمر ثلاثة شهور (٧). وأيضا ما ذكره في سياق سنة
_________
(١) أنظر المخطوط الورقة (٢١ ب).
(٢) أنظر المخطوط الورقة (٧٦ أ).
(٣) أنظر المخطوط الورقة (٧٨ ب).
(٤) أنظر المخطوط الورقة (٥٧ أ).
(٥) أنظر المخطوط الورقة (٩٦ أ).
(٦) أنظر المخطوط الورقة (١٠١ أ).
(٧) أنظر المخطوط الورقة (١٩ ب).
1 / 21
٦٤٥ هـ / ١٢٤٧ م عن تعرض الناس في بغداد لأعراض أمراض الحلق والخوانيق ومات بهذا من الخلق ما لا يحصون وما فشا بين الناس من إشاعات حول هذا المرض (١).
الخطة التي اعتمدتها في التحقيق:
لقد اعتمدت في تحقيق لنزهة الأنام الخطوات التالية:
أولا - لقد حافظت على النص الوارد كما هو في الأصل من دون التدخل في تصويب الأخطاء النحوية أو الألفاظ العامية الواردة في المتن، حتى لا نغيّر من جوهر النص ونحافظ على طابعه الأصيل وهو طابع سمة ذلك العصر، وأشرنا الى كل هذه التصويبات في تعليقاتنا في الحواشي.
ثانيا: تدخلنا في تصويب الأخطاء الإملائية فيما يختص بقواعد الهمزة التي أهملت في الأصل سواء كانت في وسط الكلمة أو على كرسي الياء أو في آخر الكلمة مثال: سأل بدلا سال ورؤي بدلا من روي وبوائقها بدلا من بوايقها وذخائر بدلا من ذخاير ورؤساء بدلا من روسا الخ. . . . وتدخلنا كذلك بالنسبة لوضع الألف المقصورة في آخر الكلمة بدلا من الألف الممدودة مثل أعطى بدلا من اعطا ونفى بدلا من نفا ولاقى بدلا من لاقا الخ. . .
ثالثا - ثبّتنا أسماء الأعلام المحذوفة ألفها كما تكتب اليوم، مثلا سليمان بدلا من سليمن حارث بدلا من حرث، هارون بدلا من هرون الخ. . . وكذلك بالنسبة للاعداد فقد فصلتها مثال ثلاثين بدلا من ثلثين، ثلاث مائة بدلا من ثلثماية الخ. . .
هذا بالنسبة الى تصويب الأخطاء الإملائية، ونشير هنا أيضا إلى أننا تدخلنا في تصويب الكلمات المبهمة في النص أو التي تشكل التباسا أو تشويها بالمعنى أو خطأ في التسميات سواء في أسماء الأعلام أو المدن أو المصطلحات أو في ذكر التواريخ في غير موضعها، وأشرنا الى هذه الأخطاء في الحواشي.
ولقد اعتمدت على الأسلوب العلمي المتبع في تحقيق كتب التراث من حيث استخدام المصطلحات الفنية من ترقيم لصفحات المخطوط واستخدام الرموز المصطلح عليها في حال إضافة بعض الألفاظ على النص الأصلي، الفصل بين الحوادث والوفيات، شرح المصطلحات والألفاظ، والتعريف بالأماكن والبلدان وبأسماء الأعلام التي تعرض في النص من غير
_________
(١) أنظر المخطوط الورقة (٧١ ا).
1 / 22
التراجم، كما عرّفت بأسماء بعض المصنفات الواردة في المخطوط وتصويب بعض الألفاظ التي فيها لبس.
ولقد استعنت في التحقيق بمجموعة من المصادر الأساسية التي تؤرخ للدولة الايوبية مع ذكر اسم المصدر والجزء والصفحة التي أنقل عنها، فحشدت أكبر قدر ممكن من المصادر التي تتفق مع التراجم الواردة في المخطوط وجمعتها في قائمة مفصلة في آخر المخطوط من حيث اسم المؤلف وعنوان المصدر وتاريخ ومكان طبعه.
وبعد، فإنني أسأل الله التوفيق والسداد، آملا أن يكون عملي هذا نافعا، وأن يكون قد ساهم في جزء يسير من نشر تراثنا العربي الإسلامي الغنيين.
الرموز المستعملة في التحقيق:
() القوسان المزهران يحصران الآيات القرآنية.
«» الفاصلات المزدوجة تحصر أسماء الكتب إذا وردت في النص.
- - الخطان القصيران يحصران الجمل المعترضة.
[] القوسان المربعان يحصران كل ما أضفناه زيادة.
أو تكملة من نصوص ثانية نقلت النص أو استشهدت به، وما يضاف من عناوين جديدة أضفناها من عندنا عند الاقتضاء مثل ذكر أوزان أبيات الشعر والوفيات.
() القوسان داخل النص يحصران رقم ورقة المخطوطة وجه وظهر، فيكتب مثلا (٣٠ أ) و(٣٠ ب).
¦ ¦ الخطان العموديان يحصران كل زيادة تضاف على أصل النص الذي نقله المؤلف من مصدره الأساسي.
1 / 23
هذه الورقة المضافة على المخطوط تشير إلى المكان الأصلي لوجود المخطوطة وهو مدينة المنصورة في مصر، وانتقالها بعد ذلك الى المكتبة الوطنية في باريس في كانون الأول من سنة ١٨٧١ وعلى الزاوية الشمالية من أعلى الورقة يوجد بالعربية عنوان المخطوطة.
1 / 24