ومنهم من قال: إنه حل فيه من غير ممازجة، كما أن شخص الإنسان يتبين في المرأة، وفي الأجسام الصقيلة من غير ممازجة بينهما.
ومنهم من قال: إن مثل اللاهوت في الناسوت، مثل الخاتم من الشمع، لأنه يؤثر فيه، حتى يتبين فيه النقش، ثم لا يبقى فيه منه شئ سوى الأثر.
ومنهم من قال: إن الإيجاد هو الادراع، وهو أنه اتخذ الجسد هيكلا ومحلا.
الرد عليهم: يقال لمن قال منهم: إنه حل فيه من غير ممازجة، كما أن شخص الإنسان يتبين في المرآة، وفي الأجسام الصقيلة، من غير ممازجة: إن ظهور الصورة في المرآه والشئ الصقيل، ليس اختلاط شئ، ولا انتقال شئ، إلى شئ، بل أجرى الله العادة، كأن الواحد منا إذا قابل الشئ الصقيل، خلق الله تعالى له
أرئية يرى بها نفسه. فأما إن كان يكون قد حصل في الصقيل شئ، فلا استأثر،وأنه من مس وجهه فوجه نفسه لمس، لا وجها ظر فيه، فعلمت أن ليس في المرآة شئ، وهذه القول يوجب عليهم الإقرار به؛ لأنه شئ من الله القديم في مريم، ولا عيسى شئ يبطل عليهم القول: إنه لا هوتى ناسوتى وعلى ما قالوه باللاهوتى.
وكذلك القول في الخاتم، ونقشه في الشمع، فليس شئ يحصل من الفص في الشمع، وإنما يتركب الشمع تركيبا بعضه في بعض، فإذا كان الأمر على ذلك، فقد يبنوا الأمر به، فيما ذكروه، ووجب أن يكون التأثير والناسوت لغير تركيبه ووصفه. فإما أن يكون في غيره حلول فيه لعلة فلا. قال: فما حل في الشمع شئ من الفص، وهذا يوضح بطلان قولهم، وفساد ما راموه، ثم ان هذا الذي ذكروه كله، إنما يجوز بين المتماسين المتجاورين, المتلامسين الجسمين المحدودين الذين يجوز فيهما الحوادث، وتغير الأوصاف، والله تعالى يجل عن ذلك كله. وبالله التوفيق.
الباب الرابع والثلاثون
في الرد على من قال: إن الإيجاد هو الادراع
وهو أنه يجد الجسد هيكلا ومحلا
يقال لهم: إذا جاز ذلك على الكلمة، فلم لم يجز ذلك على جوهر الإله؟
ولم لا جاز على الأب أن يحل الأجساد ويدرعها؟
पृष्ठ 23