وكان طبيعيا أن تؤدي هذه الصداقة أن يطلب شكري بك شهيرة هانم كل يوم، ويتحرى أن يكون هذا الطلب وسامي في مكان العمل.
وتنظر شهيرة إلى ابنتها بهيرة.
أي غد ينتظرك؟!
أب موجود بلا وجود.
وأم لا تمنع غير زوجها أن يتصل بها، ولا ترى بأسا أن توغل العلاقة إلى أبعد من ذلك.
بهيرة، أي مصير ينتظرك؟!
الفصل الخامس عشر
نزل راشد باشا من سيارته والتفت إلى السائق عبده خليل في هدوء: سيأتي أحدهم لتسلم السيارة، سلمها له. - أمرك سعادة الباشا.
ودخل راشد باشا إلى حجرة مكتبه، وجلس إلى المكتب البالغ الأناقة الذي ينتمي إلى عهد لويس السادس عشر، والذي يقال إن بعض وزراء هذا العهد كانوا يجلسون إليه. ولكن راشد لم ينظر إلى المكتب الأنيق، وإنما كل ما فعله أن خلع الطربوش وجلس على كرسي المكتب، ورفع رجليه ليستقر بهما على مكتب لويس السادس عشر. ونظر إلى سقف الحجرة، ورحلت عيناه في تهاويل السقف التي تصور ملائك السماء يدفون بأجنحتهم حول ملاك كبير تباعد جناحاه المذهبان، وارتسمت على شفتيه ابتسامة وادعة مطمئنة، لا يستطيع أن يفزعها أو يشغلها عن اطمئنانها مفزع أو شاغل. إنها ابتسامة ترنو إلى السماء وتطمئن إليها، وما دامت بالسماء قد تعلقت فلا شيء يعنيها بعد ذلك، لا شيء. وحين توغل العين في الابتسامة وفي عيني الملاك تجد صفاء، وتجد مرحبا لكل بني الإنسان، يؤكدها هذان الجناحان اللذان يفرشان السماء، كأنهما ذراعان تتهيآن لاحتضان عزيز عائد.
كان راشد باشا ينظر إلى هذا جميعه، ولكن عينيه كانتا لا تتبينان من التهاويل شيئا.
अज्ञात पृष्ठ