فأما تسميتها بأم القرآن، فلتقدمها وتأخر ما سواها تبعًا لها، صارت أما لأنه أمته أي تقدمته، وكذلك قيل لراية الحرب: أم لتقدمها واتباع الجيش لها، قال الشاعر:
(على رأسه أم لها يقتدى بها ... جماع أمور لا يعاصى لها أمر)
وقيل لما مضى على الإنسان من سني عمره، أم لتقدمها. قال الشاعر:
(إذا كانت الخمسون أمك لم يكن ... لرأيك إلا أن يموت طبيب)
واختلف في تسميتها بأم الكتاب، فجوزه الأكثرون، لأن الكتاب هو القرآن، ومنع منه الحسن، وابن سيرين، وزعما أن أم الكتاب، اسم اللوح المحفوظ، فلا يسمى به غيره لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمَّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌّ﴾. [الزخرف: ٤].
وأما [تسمية] مكة بأم القرى، ففيه قولان:
أحدهما: أنها سميت أم القرى، لتقدمها على سائر القرى.
والثاني: أنها سميت بذلك، لأن الأرض منها دحيت، وعنها حدثت، فصارت أما لها لحدوثها عنها، كحدوث الولد عن أمه.
وأما تسميتها بالسبع المثاني، فلأنها سبع آيات في قول الجميع.
وأما الثاني، فلأنها تثنى في كل صلاة من فرض وتطوع، وليس في تسميتها بالمثاني ما يمنع من [تسميته] غيرها به قال أعشى همدان:
(فلجوا المسجد وادعوا ربكم ... وارسوا هذي المثاني والطول)
ذ
1 / 46