العلة التي تسلك به سبيل الحق الدال على العدل من حيث يقبله عقلك، ولا تشمئز منه نفسك، فما العلة التي أوجبت عندك غسل جميع الجسد من خروج النطفة، ولم توجبه من خروج النجو، والنجو أنجس وأنتن منها. وما الذي أوجب أن يكون الفجر ركعتين، والظهر أربعا، والمغرب ثلاثا، وما الذي أوجب أن تترك المغرب والفجر في السفر على حالهما، وأبيحت الحطيطة في غيرهما وما الذي سوى بين دية الطفل الرضيع والشيخ الكبير، وأشباه هذا مما يطول الكتاب بذكره.
وما العلة في خلق كافر سوي بصير ومؤمن زمن أعمى، وعبد مخول، وملك مقتدر، وبهائم خلقت لأكل العتاة وركوب العصاة، ومتصور هذا كله عندك بصورة العدل وانتظام الحكم، وقضاء المعاصي وحده بصورة الجور،
أم جميعه متصور في عقلك بصورة واحدة فتدخله تحت جحودك وإنكارك، وتقول: إن كل ما ظهرت فيه أمارات الجور بتمييز عقلك الناقص وبخبرتك الضعيفة، نزهت عنه ربك وكابرت عليه خصمك،
1 / 135