وما أشبه الشيء فهو مثله، ولم يكف حتى حكى بعضهم الإجماع، وتواتر الأخبار عن ثمانين صحابيا في إجازة مسحهما، ولا فارق بين المسحين إلا التعصب.
وقد اختلف القوم في مسح العمامة، فأجازه البعض للحديث عن المغيرة وللقياس على الخف، ورده البعض، إما أنه لم يصح، وإما لمعارضته النص بمسح الرأس وإما لعدم اشتهار العمل به، وهو مذهب مالك (2)، على أن ابن عبد البر جرح هذا الحديث، وفي بعض طرق المسح على العمامة دون الناصية، ولذلك لم يشترط بعضهم في المسح عليها المسح على الناصية، إذ لا يجتمع أصل وبدله في فعل واحد، وهذا تعطيل لفرض منصوص عليه بخبر من أخبار الآحاد غير مجتمع على صحته، مع أنه معلول، فقول ابن القيم: وثبت ذلك عنه فعلا وأمرا في عدة أحاديث ... إلخ، عدول عن المنصوص عليه، إلى معارض للنص دليله معلول، حفظنا الله من هذه المكابرات.
* المطلب الثامن:
__________
(1) ينظر: المرقاة، 2/ 111.
(2) بداية المجتهد ونهاية المقتصد، 1/ 375.
هل مسح الأذنين فرض أو سنة؟ وهل يجدد لهما الماء أو لا؟ أقوال: على الفرض والتجديد طائفة، وجماعة من المالكية لقول مالك: إنهما من الرأس (1)، وعلى أنهما سنة بماء واحد مع الرأس الحنفية (2)، وعلى أنهما سنة يجدد لهما الماء جماعة من المالكية (3) لقول مالك: حكم مسحهما حكم المضمضة، وعليه الشافعي (4)، وأصله الخلاف في مفهوم إخبار مسحه عليه السلام عليهما، هل هو زيادة على الرأس فيحمل على الندب للتعارض المتخيل بين فرض مسح الرأس ومسحها إن حمل مسحه عليه السلام على الوجوب؟ أو هو مبين لمجمل الآية فتلحق الأذنان بالرأس في الوجوب؟ فمن أوجب مسحهما، جعل مسحه عليه السلام إياهما بيانا لمجمل فرض الرأس، ومن لم يوجبها جعلها زائدة كالمضمضة، وقد اشتهر العمل والإخبار عنه عليه السلام بذلك.
__________
(1) ينظر: المرجع السابق، 1/ 379.
(2) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، 1/ 116.
(3) ينظر: حاشية الخرشي، للإمام محمد بن عبدالله بن علي الخرشي، 1/ 250، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1، 1417ه / 1997م.
(4) ينظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، لشمس الدين محمد بن أبي العباس، 1/ 191، دار الفكر، الطبعة الأخيرة، 1404ه 1984م.
पृष्ठ 68