दोस्तोयेव्स्की के जीवन में महिलाएँ
نساء في حياة دستويفسكي
शैलियों
يسجل دستويفسكي المرحلة الأولى من هذه العلاقة الغرامية في خطاباته. إنها ليست كراسات (يوميات)، مثل تلك التي كان يرسلها في الخمسينيات إلى ماريا ديمترييفنا إيسايفا ، وإنما هي مذكرات تميزت بنبرة الخطابات الثلاثة الأولى التي كتبها دستويفسكي إلى زوجة المستقبل، تمثل دون أدنى شك نوعا فريدا في المراسلات الغرامية في كل العصور. إنها تفسر لنا الانطباع المضني الذي اكتنف أنا جريجوريفنا من أثر لقائها الأول بالكاتب. كم كانت بائسة حزينة إلى ما لا نهاية هذه السطور الأولى التي كتبها هذا الكاتب الكهل إلى هذه الفتاة الغضة، التي وافقت أن تصبح رفيقة حياته. ترى ما الذي كتبه دستويفسكي في خطابه القصير الأول؟ وماذا لو عرفنا أنه كتبه لأنا جريجوريفنا في نفس يوم عيد ميلادها؟ يا لها من تهنئة! دستويفسكي يتحدث في خطابه عن مرضه، عن ضعفه، عن أعماله، عن ضرورة لقائه بالناشر، عن عمله المضني الشاق، عن جلوسه إلى المائدة وحيدا ... فقط عندما يقترب الخطاب الحزين من نهايته إذا به يخط سطرين ثلاثة يرسل لها فيها تحياته بنبرة ودودة. تبدي أنا جريجوريفنا ملاحظة مثيرة على الخطاب الأول الذي أرسله لها زوج المستقبل: «كان التاسع من ديسمبر يوم ميلادي، وكذلك ميلاد أمي أ. ن. سنيتكينا. كان من المعتاد أن يجتمع لدينا في هذا اليوم أقاربنا ومعارفنا. ألححت في دعوة فيودور ميخايلوفيتش لحضور مأدبة الغداء في هذا اليوم.
كان من الصعب عليه الحضور بسبب الضعف الذي أصابه بعد نوبة الصرع التي داهمته منذ فترة قريبة، والتي لم تكن آثارها قد زالت بعد. كما كان من المرهق له أن يلتقي لدينا بمجتمع لا يعرفه بعد؛ فمثل هذه اللقاءات، وهو في حالته المرضية هذه، كانت تمثل عبئا مضاعفا عليه، ومن ثم فقد فضل فيودور ميخايلوفيتش عدم الحضور، وكلف ربيبه بافل ألكسندروفيتش إيسايف بالحضور وتهنئة صاحبتي بعيد الميلاد. وقد حمل إلي هذا الخطاب وسوارا ذهبيا هو أول هدية أتلقاها من فيودور ميخايلوفيتش.»
لقد تبين لي أن دستويفسكي، إلى جانب المرض والوساوس والأوضاع الصعبة التي كانت تحيط عمله ومشقة العمل ذاته، كان يعاني أيضا من نوبات النفور من الناس. وإذا كان ثمة فتاة شابة تتطلع بأمل وحماس إلى مستقبلها، فليس هناك شك في أن صاحبة عيد الميلاد الأكبر سنا قد قضت يوم التاسع من ديسمبر 1866م في رعب وخوف على مصير ابنتها.
ما هي إلا أسابيع ثلاثة مضت حتى تلقت أنا من موسكو، حيث سافر دستويفسكي ليحصل على نقود للزفاف المرتقب، الخطاب الثاني. على مدى صفحتين يتحدث دستويفسكي ثلاث مرات تفصيلا وبتنويعات مختلفة عن آلام أسنانه التي عذبته طوال الرحلة، ثم يأتي على ذكر «مذكرات من العالم السفلي» على نحو عابر. ها هو يبدأ خطابه بوصف متذمر للرحلة نفسها: «عربات النوم فظيعة؛ رطوبة، برد، كتمة إلى حد البشاعة ...» وفي نهاية الخطاب يقدم خلاصة لحالته النفسية: «حزن، قلق، إنهاك ...» ومن جديد نجد كلمتين ثلاثا تائهة وسط هذه الشكايات والهواجس يحيي بها فتاته.
دستويفسكي يكتب الخطاب الثالث فقط إلى خطيبته بنبرة كلها حيوية وسرور. لقد كان ذلك بتأثير النجاح الكبير الذي أحرزه عند كاتكوف، الذي أعطاه المال الضروري ليدبر به أموره الشخصية.
إن النبرة التي سادها التجهم بشكل عام، والتي كتب بها العريس دستويفسكي خطاباته، لم تكن سوى مقدمة لكل مراسلاته القادمة إلى زوجته. هنا تنفتح على اتساعها صورة العذاب الأخلاقي المضني، والألم النفسي الذي لا يتوقف للمحب والمحبوب.
لكن أنا تحملت هذه التجربة الأليمة؛ استطاعت أن تصالح بين كل التناقضات التي تجمعت في مصيرهما المشترك، وأن تخفف من وطأتها، وأن تلم شتاتها. أما الشطط و، على ما يبدو، الخصال المتنافرة في شخصيتيهما فكانت قليلة. إلى جانب دستويفسكي الذي أبدع «العالم السفلي» وراسكولنيكوف آنذاك، عاشت نيتوتشكا سنيتكينا،
3
طفلة بكل معنى الكلمة في عام 1867م، مثقلا بحمل حزين ورثه عن ماض مؤلم، وعمل شاق منهك، وأفكار مجهضة وأخرى ممزقة، يصطحب معه إلى الخارج طالبة شابة، فوارة العواطف، شديدة الحساسية.
بمزيد من الخوف يربط دستويفسكي مستقبله القابل للانهيار بمصير مخلوق شاب أهل للثقة، جاهل تماما بالحياة، وغير مستعد بعد للتعامل معها. يكتب دستويفسكي من جنيف قائلا: «سافرت، ولكن هذه المرة كان الموت يخيم على قلبي. لم أكن أومن بالخارج، بمعنى أنني كنت أومن أن الأثر المعنوي للخارج سيكون غاية في السوء علي وحيدا مع مخلوق في ريعان الشباب يسعى جاهدا بفرح ساذج أن يقاسمني حياة غريبة الأطوار، وإذا بي أنظر فلا أرى في هذا الفرح الساذج سوى قدر كبير من افتقاد التجربة والاضطراب، والأمر الذي كدر من صفوي وزاد في تعذيبي «...» إنني شخص مريض، وقد أدركت سلفا أنها سوف تعاني الكثير معي.»
अज्ञात पृष्ठ