وكانت النصرانية في وادي النيل الأوسط ذلك مسيطرة على كثير من الأماكن مدة تزيد على ستة قرون. فمن الممكن أن كانت تلك القطعة حجر زاوية لكنيسة شادها الملك سلكون الدنقلي تكريما للقديسين، وكان الصليبيون المدرعون في ذلك الزمن يربطون حصنهم الجميلة بحلقة ثابتة في الحجر عندما يدخلون تلك الكنيسة قبل اقتحام مخاطر الصحراء ضارعين إلى العذراء أن تحميهم؛ وذلك على أن يفك هؤلاء الفرسان جيادهم من حلقة الحجر، وأن يهمزوا بلطف خواصرها مع إمساك ركبها
2
بمقدم أحذيتهم فقط، ولا يزال أثر الحلقة منظورا حتى اليوم، وارجع البصر إلى ما هو أقدم من ذلك تجد الحجر جزءا من رواق معبد بتحور الذي تقوم أعمدته الحجرية الرملية الحمر، حتى الآن، على مدخل غابة النخل فتعد شاهدة على عمل إغريقي أتى متأخرا، والذي يحتمل أن يكون قد كرس
3
للإله مارس الذي يدعو اسمه الروماني في مملكة تروى إلى الحيرة، ثم إن العبيد الذين عملوا في ذلك البناء كانوا قد انتزعوا الحجر من قاعدة تمثال ضخم لفرعون نجهل اسمه مكبكب على شاطئ دنقلة منذ مئات السنين.
وكل شيء زال، فقضي أمر الحضارات والديانات والفاتحين والمغلوبين الذين عبدوا النور والقوة بأسماء وسمات مختلفة، حتى أولئك الذين كانوا يعتقدون أن القوة في الرحمة، وهم قد أرادوا تمجيد الحياة بالحصون والمساجد والمعابد والحاميات، وهم قد تواروا ونسوا، وهم قد ذوى مجدهم، وصوان النيل وحده هو الباقي، هو الأبدي، وهو قد احتمل الضغط وإزميل
4
النقاش وثقب الزرفين
5
والناعورة والقبر وألوف السنين، وهو ضاجع على شاطئ النهر، والنهر يمسه مسا خفيفا دائما من غير أن يفنيه.
अज्ञात पृष्ठ