नील: नदी का जीवन

कैडिल ज़ुक्यतार d. 1377 AH
152

नील: नदी का जीवन

النيل: حياة نهر

शैलियों

ويروي الملك الغنج غلتها بشتى الأوضاع، ويؤخر السفر، ولا يريد الملك أن يدعها ترحل، وتلوح موافقتها على ذلك، ولما حملت منه وشعر جميع البلاط بذلك مع الوقت عزمت على الذهاب، ويظهر أن قريحة سليمان انطفأت مع نشيد الأناشيد أيضا، وتضع في الطريق ولدا فتسميه منليك بن حكيم، وكان هذا باهر الجمال.

ويصبح الغلام ملكا، فيزور أباه في أورشليم ويتقبل بقبول حسن، ويعود مثقلا بهدايا من أسباط بني إسرائيل الاثني عشر، ويصحب مقاتلة وكهنة لتعليم الأحباش دين اليهود، ولم يكد منليك يتوارى حتى أبصر سليمان مذعورا اختفاء تابوت العهد أو الألواح النحاسية التي نقش موسى عليها وصايا الرب فكانت أقدس ما لدى اليهود، ويؤكد منليك فيما بعد أن كهانه سرقوها من غير أن يعلم ذلك متبعا في تصريحه سنة ما يفعله الملوك في مثل هذه الأحوال. ومهما يكن الأمر فقد تذرع سليمان بالحكمة فأمر الحبر الأكبر بأن يلزم جانب الصمت، وتعقب القافلة بنفسه على غير جدوى، فقد حفظت الملائكة اللصوص كدأبهم في ذلك الزمن، فجاوز اللصوص البحر الأحمر بأنفاق وبلغوا القصر الملكي، ويوفق سليمان لصنع مثل تلك الألواح مستعينا بعامل ماهر فلا يعرف عبري أنه يعبد تابوت عهد كاذب.

من الشلك.

وأحاط العرب والربانيون ملكة سبأ بأساطيرهم، وجعلوا منها بقليس أو عرافة تحل الألغاز وتعرف حتى خشب الصليب الحقيقي، ويتمسك الأحباش بأحدوثتهم، ويصورونها على جدر كنائسهم، وتنسخ هذه الصور في باريس ولندن رسوما شعبية وتوزع بين أهل ذلك البلد، ويرى فيها كل من العاشقين على فراشه الخاص، ثم يظهران على سرير عريض ذي منظر عصري، ومع ذلك يبدو نشيد الأناشيد للأحباش من فرط المغامرة ما لا يطبقونه معه على ملكتهم. والأحباش يقولون موكدين: إن سليمان وضع نشيد الأناشيد هذا في حضن ابنة أحد الفراعنة فيحاولون - عبثا - حظر قراءته على الفتيات وعلى الكهنة الذين يقرءونه مجتمعين.

وهكذا ترى الغرام يسفر عن إيجاد أسرة ملكت ستة عشر قرنا؛ أي ما بين سنة 800 قبل الميلاد وسنة 800 بعد الميلاد؛ أي مدة طويلة لم يتفق مثلها لأية أسرة مالكة ظهرت على شواطئ البحر المتوسط. ولا نعجب - إذن - من ظهور أمير ماكر يريد في أيامنا إقامة عرش له في ذلك البلد فيعلن انتسابه إلى تلك الأسرة المالكة من آل سليمان منتحلا اسم منليك.

ولا يفسر جميع ما وقع منذ ذلك الحين في ذلك القسم من أفريقية بغير اختلاط العروق والحضارات التي كانت تتصل بالحبشة بطريق البحر الأحمر والصحراء النوبية، ويعرف الأحباش ذلك فيسمون بلدهم بالحبشة؛ أي بالخليط، وهذا ما يمكن إطلاقه على جميع شعوب أوروبة.

وكانت الأمم الفاتحة والأمم التاجرة تنجذب بلا انقطاع إلى البلد الذي يشتمل على الذهب والعاج والرقيق، وأي العرقين دحر الآخر؟ وما هو مدى دحر الشعوب الحامية للشعوب السامية نحو الجنوب؟ ذلك ما لا يعرف معرفة تامة ولا يعدو حد جدل الأساتذة. ويظهر أن الإثيوبيين لم يأتوا بغير غزو واحد لحضارة أجنبية، وذلك قد تم حوالي سنة 730 قبل الميلاد حين فتحوا مصر وأتوا بمقدار من الآلهة والعادات المصرية، وبالعناصر اليهودية والعربية اختلط الأغارقة الذين أطلقوا اسم إثيوبية الراهن على ذلك البلد وعلى المناطق المجاورة، وكانت أكسوم، التي أسفر الحفر الحديث في شمال الحبشة عن إبراز أطلالها للأعين، مسيطرة على بلاد العرب، ونحن لكي نضع حدا لارتباك الحضارات هذا نقول: إن أحد أولئك الملوك اليهود العرب تكنى بابن الآرس،

2

وكان ابن آلهة اليونان هذا أول من تعمد تكفيرا عن السيئات، وهكذا لبس ابن الآرس هذا خواتم الأسطورة الثلاثة قبل أن توجد، وكان الأحباش نصارى قبل معظم البيض بزمن طويل، وما كان من تمتع هذه القبائل بتربية نصرانية بالغة من القدم خمسة عشر قرنا فيمكننا أن نسأل معه: هل يفوق أدب هؤلاء النصارى أدب جيرانهم من الوثنيين أو المسلمين؟

وترتج هذه النصرانية الجديدة التي هوجمت من جهتين في عام مولد محمد، وبيان ذلك أن نصارى الحبشة كانوا قد توعدوا مكة فردوا على أعقابهم في ذلك العام، وهم لم يلبثوا أن أكرهوا على الجلاء عن جنوب بلاد العرب بفعل الجدري، وهذا الأمر من الأمثلة النادرة التي يكون بها لإحدى الجوائح

अज्ञात पृष्ठ