नील फाराओं और अरबों के युग में
النيل في عهد الفراعنة والعرب
शैलियों
لما كانت مسألة الفيضان الشغل الشاغل عند الملوك المصريين اعتنوا في بناء مقاييس له، ومن جملتها مقياس مدينة ممفيس، وبواسطته كانوا يعرفون درجات الفيضان بالضبط.
وقال سترابون: إن مقياس النيل الذي في مدينة بيلاق بني على نسق مقياس مدينة ممفيس.
وقال بروكش باشا العالم الأثري: إنه كان في مدينة ديوبوليس مقياس خاص بها. وكان الفيضان يصل في مدينة بيلاق إلى 28 ذراعا، وكان مستوى الفيضان سبعة أذرع في مدينة ديوسبوليس. ووصف المؤرخ بلين آبارا وجد فيها درجات مقسمة خاصة بمقاييس النيل بطريقة مختصرة لأهل البلاد الموجودة بها.
وقد عثر سنة 1894 على جدار أثري منقوش فيه احتفال بفيضان النيل، بالعبارة الآتية ترجمتها: «في السنة 10 في الشهر الثاني من فصل الصيف جاء النيل ذاخرا.» واكتشف المسيو جورج لجران نقوشا على رصيف الكرنك، تبين الجهات التي ابتدأ فيها الفيضان من السنة السادسة من حكم الملك ششنق الأول، إلى السنة 19 من عهد الملك بسامتيك. وقال سترابون الجغرافي اليوناني أنه رأى نقوشا تثبت تعيين مفتشين فنيين، كانوا يراقبون زيادة النيل ونقصانه في المقاييس، وربما كان هؤلاء الأشخاص هم الكتبة المذكورون في شاهد حجري محفوظ بمتحف ليد، يرجع تاريخه إلى الأسرة 12، ومنقوش عليه هذا اللقب باللغة المصرية القديمة: «الكاتب المنوط بمقياس الفيضان ...» إلخ.
ذكر مقاييس النيل وزيادته في عهد العرب
قال ابن عبد الحكم: أول من قاس النيل بمصر يوسف عليه السلام، ووضع مقياسا بمنف، ثم وضعت العجوز دلوكة ابنة زبا، وهي صاحبة حائط العجوز، مقياسا بأنصنا، وهو صغير الذرع ومقياسا بإخميم، ووضع عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان وهو صغير، ووضع أسامة بن زيد التنوخي في خلافة الوليد مقياسا بالجزيرة وهو أكبرها، قال يحيى بن بكير: أدركت القياس يقيس في مقياس منف، ويدخل بزيادته إلى الفسطاط.
وقال القضاعي: كان أول من قاس النيل بمصر يوسف عليه السلام، وبنى مقياسا بمنف، وهو أول مقياس صنعه عليه السلام. وقيل: إن النيل كان يقاس بأرض علوة إلى أن بني مقياس منف، وإن القبط كانت تقيس عليه إلى أن بطل، ومن بعده دلوكة العجوز بنت مقياسا بأنصنا وهو صغير الذراع، ومقياسا آخر بإخميم وهي التي بنت الحائط المحيط بمصر، وقيل: إنهم كانوا يقيسون الماء قبل أن يوضع المقياس بالرصاصة، فلم يزل المقياس فيما مضى قبل الفتح بقيسارية الأكسية ومعالمه هناك، إلى أن ابتنى المسلمون بين الحصن والبحر أبنيتهم الباقية الآن، وكان للروم أيضا مقياس بالقصر خلف الباب يمنة في مدخله في داخل الزقاق، أثره قائم إلى اليوم، وقد بني عليه وحوله، ثم بنى عمرو بن العاص عند فتحه مصر مقياسا بأسوان، ثم بنى بموضع يقال له: دندرة، ثم بني في أيام معاوية مقياس بأنصنا، فلم يزل يقاس عليه إلى أن بنى عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان وكانت منزله، وكان هذا المقياس صغير الذراع، فأما المقياس القديم الذي بني في الجزيرة فالذي وضعه أسامة بن زيد، وقيل: إنه كسر فيه ألفي أوقية، وهو الذي بنى بيت المال بمصر، ثم كتب أسامة بن زيد التنوخي عامل خراج مصر لسليمان بن عبد الملك ببطلانه، فكتب إليه سليمان بأن يبني مقياسا في الجزيرة فبناه في سنة سبع وتسعين، ثم بنى المتوكل فيها مقياسا في أول سنة سبع وأربعين ومائتين في ولاية يزيد بن عبد الله التركي على مصر، وهو المقياس الكبير المعروف بالجديد، وأمر بأن يعزل النصارى عن قياسه، فجعل يزيد بن عبد الله على المقياس أبا الرداد المعلم، واسمه عبد الله بن عبد السلام بن عبد الله بن الرداد المؤذن، كان يقول العمي: أصله من البصرة، قدم مصر وحدث بها، وجعل على قياس النيل، وأجرى عليه سليمان بن وهب صاحب خراج مصر يومئذ دنانير في كل شهر، فلم يزل القياس من ذلك الوقت في يد أبي الرداد وولده إلى اليوم، وتوفي أبو الرداد سنة ست وستين ومائتين، ثم ركب أحمد بن طولون سنة تسع وخمسين ومائتين، ومعه أبو أيوب صاحب خراجه وبكار بن قتيبة القاضي، فنظر إلى المقياس، وأمر بإصلاحه وقدر له ألف دينار، فعمر وبنى الخازن في الصناعة مقياسا وأثره باق لا يعتمد عليه.
وقال يزيد بن أبي حبيب: إن موسى عليه السلام دعا على آل فرعون، فحبس الله عنهم النيل حتى أرادوا الجلاء ، فطلبوا إلى موسى أن يدعو الله، فدعا الله رجاء أن يؤمنوا، وذلك في ليلة الصليب، فأصبحوا وقد أجراه الله في تلك الساعة ست عشرة ذراعا، فاستجاب الله لعمر بن الخطاب كما استجاب لنبيه موسى عليه السلام.
قال القضاعي: ووجدت في رسالة منسوبة إلى الحسن بن محمد بن عبد المنعم، قال: لما فتحت العرب مصر عرف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يلقى أهلها من الغلاء عند وقوف النيل عن حده، في مقياس لهم، فضلا عن تقاصره، وأن فرض الاستشعار يدعوهم إلى الاحتكار، ويدعو الاحتكار إلى تصاعد الأسعار لغير قحط، فكتب عمر إلى عمرو يسأله عن شرح الحال، فأجابه: إني وجدت ما تروى به مصر حتى لا يقحط أهلها أربع عشرة ذراعا، والحد الذي يروى منه سائرها حتى يفضل عن حاجتهم، ويبقى عندهم قوت سنة أخرى، ست عشرة ذراعا، والنهايتان المخوفتان في الزيادة والنقصان، وهما الظمأ والاستبحار اثنتا عشرة ذراعا في النقصان، وثماني عشرة ذراعا في الزيادة، هذا؛ والبلد في ذلك الوقت محفور الأنهار معقود الجسور عندما تسلموه من القبط، وخميرة العمارة فيه، فاستشار عمر أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه في ذلك، فأمره أن يكتب إليه أن يبني مقياسا، وأن ينقص ذراعين على اثنتي عشرة ذراعا، وأن يقر ما بعدها على الأصل، وأن ينقص في كل ذراع بعد الست عشرة ذراعا أصبعين، ففعل ذلك وبناه بحلوان، فاجتمع له بذلك كل ما أراد من حل الإرجاف وزوال ما منه كان يخاف، بأن جعل الاثنتي عشرة ذراعا أربع عشرة؛ لأن كل ذراع أربع وعشرون أصبعا، فجعلها ثمانيا وعشرين من أولها إلى الاثنتي عشرة ذراعا، يكون مبلغ الزيادة على الاثنتي عشرة ثمانيا وأربعين أصبعا، وهي الذراعان، وجعل الأربع عشرة ست عشرة، والست عشرة ثماني عشرة، والثماني عشرة عشرين.
قال القضاعي: وفي هذا الباب نظر في وقتنا لزيادة فساد الأنهار وانتفاض الأحوال، وشاهد ذلك أن المقاييس القديمة الصعيدية من أولها إلى آخرها أربعة وعشرون أصبعا كل ذراع، والمقاييس الإسلامية على ما ذكر منها المقياس الذي بناه أسامة بن زيد التنوخي بالجزيرة، وهو الذي هدمه الماء، وبنى المأمون آخر بأسفل الأرض بالبشرودات، وبنى المتوكل آخر بالجزيرة، وهو الذي يقاس عليه الماء الآن، وقد تقدم ذكره.
अज्ञात पृष्ठ