وأما طهرهما فإن كان لا يمكن تقديمه على الوقت كالتيمم ووضوء صاحب الضرورة فإن شرط صحتهما دخول الوقت فلا بد أن يدرك زمنا يسعه قبل طرو المانع
وإن كان يصح تقديمه على الوقت كوضوء السليم الذي لم يمنع من تقديمه مانع فلا يشترط أن يدرك من الوقت زمنا يسعه إذا كان يمكن تقديمه على الوقت
مثال ذلك زال حيضها في أول وقت العصر مثلا وأدركت من وقت العصر جزءا ثم طرأ عليها الجنون فإن كان زمن الخلو من المانع يسع العصر والظهر وطهرهما وجبتا
وإن كان لا يسع إلا العصر فقط وطهرها وجبت العصر وحدها دون الظهر
والطهر في هذا المثال لا يمكن تقديمه على الحيض لأن الوقت مانع منه
ومن أدرك من الصلاة ركعة في الوقت فقد أدركها أداء وإن كان يحرم تأخيرها إلى وقت لا يسع فروضها كما تقدم ومتى كان الباقي من الوقت لا يسع الفروض وجب الاقتصار على الواجبات ولا يجوز الإتيان بالسنن وينوي الأداء إن كان الباقي من الوقت يسع ركعة وإذا كان الباقي من الوقت يسع جميع الفروض ولا يسع السنن فالأفضل الإتيان بالسنن ولو لزم على ذلك إخراج الصلاة أو بعضها عن وقتها فإذا كان الباقي من الوقت يسع الفروض والسنن لكن طول في القراءة أو السكوت حتى خرج بعض الصلاة أو كلها عن الوقت فلا حرمة عليه لكنه خلاف الأولى
وحينئذ إذا لم يدرك من الصلاة ركعة في الوقت تصير قضاء لا إثم فيه وينوي الأداء وهذا هو المد الجائز فتبين أن الأحوال ثلاثة حالة يجب فيها الاقتصار على الواجبات ويحرم الإتيان بالسنن وهي ما إذا كان الباقي من الوقت لا يسع الفروض
وحالة الأفضل فيها الإتيان بالسنن
ولو خرج بعض الصلاة عن وقتها وهي ما إذا كان الباقي من الوقت يسع جميع الفروض دون السنن وحالة يجوز فيها المد مع كونه خلاف الأولى وإن خرجت الصلاة كلها عن الوقت وهي ما إذا كان الباقي من الوقت يسع الفروض والسنن جميعا
وبدخول الوقت تجب الصلاة وجوبا موسعا إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها لكن إذا أراد تأخير فعلها عن أول الوقت لزم العزم على فعلها في الوقت على الأصح فإن أخرها عن أول وقتها مع العزم على ذلك ومات في أثناء الوقت قبل فعلها لم يكن عاصيا بخلاف ما إذا لم يعزم العزم المذكور فإنه إذا مات في أثناء الوقت قبل فعلها كان عاصيا
والأفضل أن يصليها في أول الوقت لأنه صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل فقال الصلاة في أول وقتها
نعم قد يكون تأخير الصلاة عن أول وقتها أفضل في صور منها الإبراد بالظهر وهو تأخيرها عن أول وقتها حتى يصير للحيطان ظل يمشي فيه طالب الجماعة بشرط أن يكون في زمن الحر بقطر حار كالحجاز لمصل جماعة أو في مسجد ولو فرادى بمصلى يأتونه بمشقة تذهب الخشوع أو كماله وكل كمال اقترن به التأخير عن أول الوقت وخلا عنه التقديم في أول الوقت كالسترة والجماعة والوضوء ونحو ذلك فالتأخير له أفضل وقد يجب إخراج الصلاة عن وقتها كما إذا خيف انفجار الميت أو فوت الحج أو فوت إنقاذ الأسير أو الغريق لو شرع فيها
पृष्ठ 51