وأول واجب من الوسائل النظر وهو أن يتأمل بفكره في المصنوعات فيستدل بها على وجود الصانع وصفاته فينظر في أحوال ذاته وما اشتملت عليه من سمع وبصر وكلام وطول وعمق ورضا وغضب وبياض وحمرة وسواد وعلم وجهل ولذة وألم وغير ذلك مما لا يحصى وكلها متغيرة من عدم إلى وجود وبالعكس فتكون حادثة وهي قائمة بالذات لازمة لها وملازم الحادث حادث وذلك دليل الافتقار إلى صانع حكيم واجب الوجود عام العلم تام القدرة والإرادة فاعل بالاختيار يفعل ما يشاء ثم يتأمل في العالم العلوي وهو ما ارتفع من الفلكيات من سموات وكواكب وغيرها فإنه يجد بعض ذلك ساكنا وبعضه متحركا وبعضه نورانيا وبعضه ظلمانيا وذلك دليل حدوثها وافتقارها إلى صانع حكيم ثم يتأمل في العالم السفلي وهو ما نزل من الفلكيات كالهواء والسحاب والأرض وما فيها من المعادن والبحار والنبات وغير ذلك فإنه يجد في ذلك صنعا بديع الحكم من ألوان مستحسنة في الحيوانات والنباتات وغيرهما واختلاف بقاع وأصوات وألوان ومقادير ولغات إلى ما لا يحصى من الصفات ولا يحيط به إلا خالق الأرض والسموات وجميع ذلك ملازم للأعراض الحادثة وذلك يدل على حدوثه فيكون دالا على وجود الصانع وعلمه وقدرته وإرادته وحياته لأن ذلك لا يصدر إلا عمن اتصف بما ذكر
وقال السمعاني يجب ( على الآباء ) ثم على الوصي أو القيم ( تعليمه ) أي المميز ( أن نبينا ) محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم بعث بمكة ) إلى كافة الثقلين ( ودفن بالمدينة ) وأنه واجب الطاعة والمحبة انتهى
واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ من العمر أربعين سنة نبأه الله تعالى في يوم الإثنين في شهر ربيع الأول وأرسله لكافة الناس بشيرا ونذيرا ولما بلغ صلى الله عليه وسلم من العمر إحدى وخمسين سنة ونصفا أسرى بجسده وروحه يقظة من مكة إلى بيت المقدس ثم عرج منه إلى السموات السبع إلى سدرة المنتهى إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام إلى العرش إلى مكان الخطاب مع ربه
وفرض في ذلك الوقت عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته خمس صلوات
ولما كمل له صلى الله عليه وسلم من العمر ثلاث وخمسون سنة أمره الله تعالى بالهجرة من مكة إلى المدينة فخرج من مكة يوم الخميس هلال ربيع الأول واختفى بغار ثور ثم خرج منه ليلة الإثنين وقدم صلى الله عليه وسلم المدينة أي قباء يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول
ولما كمل له من العمر ثلاث وستون سنة توفاه الله تعالى وكان ذلك يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول فدفن في حجرة عائشة رضي الله عنها وكان حمله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين في غرة رجب وولادته يوم الإثنين أو ليلة الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول فى مكة في سوق الليل من محل مولده المشهور
وقال الصبان الذي عليه الإجماع أنه صلى الله عليه وسلم حمل به يوم الإثنين ومثله ولادته وبعثته وخروجه من مكة أي من غار ثور ووصوله المدينة أي قباء ووفاته
ونقل بعض الأفاضل عن القليوبي وعن جمع من المحققين أنه صلى الله عليه وسلم لم يولد من الفرج بل من محل فتح فوق الفرج وتحت السرة والتأم في ساعته
ونقل عن القاضي عياض أن مثله صلى الله عليه وسلم في ذلك جميع الأنبياء والمرسلين لكن قال العلامة التلمساني وكل من الأنبياء غير نبينا مولودون من فوق الفرج وتحت السرة وأما نبينا فمولود من الخاصرة اليسرى تحت الضلوع ثم التأم لوقته خصوصية له فتحصل لك من هذه أنه لم يصح نقل بولادته من الفرج وكذا غيره من الأنبياء ولهذا أفتى المالكية بقتل من قال إن نبينا ولد من مجرى البول اه
فصل في مسائل منثورة
( شروط الصلاة خمسة أحدها طهارة عن حدث وجنابة ) ومقاصد الطهارة أربعة الوضوء والغسل والتيمم وإزالة النجاسة
पृष्ठ 12