الباب الثانى فى مبعثه ﷺ، ودعائه الناس إلى الدين الحق. وهجرة المسلمين* إلى الحبشة، وخروجه إلى الطائف
الفصل الأوّل فى رسالته ﷺ على رأس الأربعين إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا
كان ﷺ له الرياسة المؤثلة على قومه الذين أصابوا الملك وأطاعتهم العرب واجتمع لهم ما لم يجتمع لغيرهم من مناصب الشرف في ذلك الوقت، وهي:
الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، واللواء، والقيادة. فالحجابة هي: سدانة البيت الشريف، أى تولية مفتاح بيت الله تعالى. والسقاية: إسقاء الحجيج كلهم الماء العذب، وكان نادرا بمكة يجلب إليها من الخارج ليسقى الحجّاج منه، بل وينتبذ لهم التمر والزبيب للشراب أيضا. والرفادة هي: إطعام الطعام لسائر الحجاج، فكانت تمدّ لهم الأسمطة في أيام الحج. والندوة هي: المشورة، وكان يجتمع فيها من قريش ومن غيرهم من سنّه أربعون سنة فلا يعقد عقد نكاح الرجل من قريش إلا فيها. وأما اللواء: فراية معقودة على رمح ينصبونه علامة لاجتماع الجيش لحرب الأعداء، فيجتمعون تحت هذه الراية ويقاتلون عندها. والقيادة.
إمارة الجيش ورياسة الحرب.
فكان ﷺ شهير الاسم شريف النعت في مكة المشرّفة التى هى أم القري «١»، وكان له ﷺ محاسن سنية؛ كقضائه حين حكّموه في بناء الكعبة، وكإعانته ﷺ على إبطال ما كان نواه عثمان بن حويرث لمّا تنصّر وأراد أن يجعل الكعبة تحت