निहायत अकदम
نهاية الإقدام في علم الكلام
शैलियों
وأما الجواب عن الاعتراض الرابع نقول الحدوث ليس يصلح أن يكون مصححا على المذهبين أما على مذهبكم فلأن بعض الأعراض يستحيل رؤيته فلو كان الحدوث مصححا لصح تعلق الرؤية بكل محدث وأما على مذهب أبي الحسن فلأن الحدوث وجود مسبوق بعدم والعدم لا تأثير له فبقي الوجود مصححا.
وقولهم معنى قولنا مسبوق بعدم أنه وجود مخصوص لا وجود عام مطلق والوجود المخصوص باعتبار الحدوث علة مصححة.
قيل الخصوص في الوجود يجب أن يكون بصفة وجودية راجعة إلى الوجود حتى يصح مؤثرا في إثبات الحكم وسبق العدم لا يصلح أن يكون مؤثرا في إثبات الصلاحية والصحة للرؤية فبقي الوجود المطلق ونعني بالصفة الوجودية أن يخصص الوجود مثلا بأنه جوهر أو عرض والعرض بأنه كون أو لون فهذه الاعتبارات مما تؤثر فأما العدم السابق فلا تأثير له والوجود باعتبار عدم سابق لا يكتسب اعتبارا ووجها إلا احتياجا إلى موجد وهو باعتبار هذا لا يصلح أن يكون مصححا للرؤية والإدراك.
وأما الجواب عن الاعتراض الخامس نقول الرؤية من جملة الحواس الخمس لكن الحواس مختلفة الحقائق والإدراكات ولكل حاسة خاصية لا يشركها فيها غيرها وليس منها حاسة تتعلق بجنسي الجوهر والعرض على وتيرة واحدة بل كلها تتعلق بأعراض ومن شرط تعلقها اتصال جسم بجسم حتى يحصل ذلك الإدراك عن السمع فإنه لا يستدعي اتصال جسم بجسم ضرورة بل هو إدراك محض كالرؤية.
ثم اختلف رأي العقلاء في أن المصحح للسمع ما هو فمنهم من قال هو الوجود كالمصحح للرؤية ومنهم من قال المصحح كونه موجودا باعتبار كون المسموع كلاما والكلام قد يكون عبارة لفظية وقد يكون نطقا نفسيا وكلاهما مسموعان ونحن كما أثبتنا كلاما في النفس ليس بحرف ولا صوت كذلك نثبت سماعا في النفس ليس بحرف ولا صوت ثم ذلك السماع قد يكون بواسطة وحجاب وقد يكون بغير واسطة وحجاب " ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا " فالوحي ما يكون بغير واسطة وحجاب كما قال تعالى " فأوحى إلى عبده ما أوحى " وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم نفث في روعي وقد يكون من وراء حجاب كما كان لموسى عليه السلام وكلمه ربه وقد يكون بواسطة رسول وحجاب كما قال تعالى " أو يرسل رسولا " وبالجملة نحن نعقل في الشاهد كلاما في النفس ونجده من أنفسنا كما أثبتناه ثم يعبر اللسان عنه بالعبارة الدالة عليه ثم يسمع السامع فيصل بعد الاستماع إلى النفس فقد وصل الكلام إلى النفس بهذه الوسائط فلو قدرنا ارتفاع هذه الوسائط كلها من البين حتى تدرك النفس كما كانت النفس الناطقة المتكلمة مشتملة عليه فتحقق كلام في جانب المتكلم وسماع في جانب المستمع ولا حرف ولا صوت ولا لسان ولا صماخ فإذا تصور مثل ذلك في الشاهد حمل استماع موسى كلام الله على ذلك وعن هذا قال " إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي " فالرسالات بواسطة الرسل والكلام من غير واسطة لكنه من وراء حجاب وأما في حقنا فكلام الله تعالى مسموع بأسماعنا مقروء بألسنتنا محفوظ في صدورنا وقد تبين الفرق بين القراءة والمقروء في مسئلة الكلام.
पृष्ठ 127