निदा हकीकत
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
शैलियों
80 •••
الوجود-للموت مرتبط إذا بالقلق ارتباطه بالاستباق والتصميم، وهذا كله بالوجود الذاتي الأصيل، فكيف يتم هذا؟ علينا قبل الكلام عن ظاهرة الضمير التي تقدم الشهادة الواقعية الحية على هذه الأصالة أن نتحدث بإيجاز عن القلق والتصميم.
قلنا إن الموت هو إمكانية وجود على «الموجود الإنساني» أن يحملها ويتحملها بنفسه، فهو مع الموت يواجه أخص إمكانياته، وأقصاها، وبهذه المواجهة تنفصم علاقاته بالموجودات الإنسانية الأخرى ويرد إلى وحدته وتفرده المطلق مع ذاته، إنه يشعر مع هذه المواجهة مع الموت - وهو شعور لا يحتاج إلى علم أو معرفة - بأنه قد ألقى به في الموت، وهو شعور يتكشف له بصورة ملحة في «وجدانية» القلق، كما أن المواجهة نفسها تقوم على انفتاح الموجود الإنساني على نفسه على صورة الاستباق، وهو - كما سبق القول - أحد العناصر المكونة للهم، ولهذا نجده يتجسد تجسدا أصيلا في الوجود-للموت.
81
أما القلق الذي يشعر به الموجود الإنساني إزاء الموت فهو القلق إزاء أخص إمكانيات وجوده التي تجردت من كل علاقة واستحالت على كل تخط أو نجاة، وما يقلق منه القلق هو الوجود-في-العالم نفسه، وما من أجله يقلق هو إمكان وجود الموجود الإنساني، ولا يصح أن نخلط بين هذا القلق من الموت وبين الخوف من انتهاء الحياة، فليس هذا القلق حالة ضعف تنتاب الفرد، وإنما هو تأثر وجداني أساسي للموجود الإنساني، هو انفتاح على حقيقة كونه وجودا «مرميا» ملقى به، موجودا لأجل موته، بهذا يختلف الموت عن التلاشي والاختفاء أو مجرد الانتهاء، كما يتضح تصور الوجود للموت باعتباره وجودا ملقى به نحو أخص إمكانياته.
هذه المواجهة للموت التي تسيطر على وجود الموجود-الإنساني وتنأى به عن كل أنواع التستر والتهرب والتنكر تبلغ ذروتها في التصميم، والتصميم كما عرفناه هو حقيقة الوجود وأصالته، أو هو الذي يفضي بنا إليها،
82
وسنرى عند الكلام عن نداء الضمير أنه فهم ناجم عنه وأنه يكشف كشفا «ظاهريا» عن أصالة الموجود الإنساني وكليته، وينتزعه من الوجود اليومي الساقط المشتت في «الناس» لكي «يغزو» وجوده، إنه تصميم على «الفعل»، بعيدا عن الانعزال عن العالم بعده عن كل الأوهام، وهو لا ينشأ عن إحساس مثالي محلق فوق الوجود وإمكانياته، بل ينبع من الفهم السليم للإمكانيات الفعلية الأساسية للموجود-الإنساني، وإن القلق الخالص الذي يجعلنا نواجه إمكان الوجود المتوحد ليلازمه الفرح المتزن المطمئن بهذه الإمكانيات، وبهذا الفرح يتحرر الموجود- الإنساني من مصادفات التسلية والتشتت التي يحصلها الفضول النشط من أحداث العالم.
83
ما علاقة التصميم بوحدة الموجود-الإنساني وكليته وأصالته؟ كيف يمكن أن يحيا الموجود-الإنساني موحدا في كل إمكانيات وجوده وأساليبه؟ بأن يكون هذا الموجود - بإمكانياته الأساسية - هو ذاته، وأن أكون أنا ذاتي هذا الوجود،
अज्ञात पृष्ठ