निदा हकीकत
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
शैलियों
ولا يقف الأمر «بالناس» عند هذا الحد، إن سيطرتهم لتمتد وتتسع فتحدد كذلك فهم العالم والذات، لقد ضاع «الناس» في عالمهم؛ عالم كل الآحاد ولا أحد! وليس عجيبا بعد هذا أن يفهموا أنفسهم على مثال الموجودات غير الإنسانية، أو الموجودات الحاضرة وحسب، أي أنهم يحددون أنفسهم تحديدا «مقولاتيا» لا «وجوديا»، على نحو ما فعلت الأنطولوجيا القديمة التي نظرت إلى الإنسان نظرتها إلى موجود حاضر بين الموجودات، ولم تستطع أن تقترب من إنيته المتواجدة ووجوده المهموم بإشكال الوجود.
ويمضي هيدجر في تحليله للوجود-في-العالم فيوضح مفهوم «الوجود-في» الذي يتصل به أوثق اتصال، ويحدد العناصر التي يتركب منها وجود الموجود-الإنساني المتميز بالانفتاح في أمور ثلاثة: التأثر الوجداني (الوجدانية)، والفهم، والكلام
55
أو الخطاب.
ولنستمع إلى ما يقوله عنها بأسلوبه المعهود: «في الوجدانية يحضر الموجود- الإنساني دائما أمام نفسه، لقد وجد نفسه، بالفعل دائما، كحضور مدرك لذاته، بل كوجدان «شعوري» متأثر.»
56
ويتدارك هيدجر ذلك الجانب الذي طالما تجاهله التفكير الفلسفي التقليدي بنظرته العقلانية إلى الإنسان، وأعني به الجانب الشعوري الوجداني، والانفتاح المباشر الذي يحققه التأثر الوجداني أو «الوجدانية»، لنضرب لذلك مثلا بسيطا، فنحن نتعرف إلى إنسان لأول مرة، والشعور الوجداني يعتبر ظاهرة أصيلة وأسلوب انفتاح على الآخر، ولن نفهم طبيعة هذا الانفتاح أو نقدر دوره الأصيل في الالتقاء بالآخر وبأنفسنا وبالعالم المحيط بنا؛ ما لم نرده إلى ظاهرة التأثر الوجداني التي يقوم عليها، وما لم نحرر نظرتنا إلى هذه الظاهرة التي نظن في العادة أنها مجرد «تلون نفسي» أو تعبير عن الجانب «اللامعقول» من حياتنا النفسية، إن هذه الوجدانية أو هذا التأثر الوجداني، على حد تعبير هيدجر، قد فتح الوجود-في-العالم بوصفه كلا، وجعل شيئا كالتوجه أمرا ممكنا.
57
أضف إلى هذا أن التأثر يؤدي وظيفة أخرى؛ إذ يمكن الموجود-الإنساني من الشعور بأنه مرمي، مقذوف به، ملقى هناك وموكول إلى نفسه ... ويحدد هيدجر هذا المعنى حين يقول: «إن تأثر الوجدانية هو الذي يؤلف من الناحية الوجودية انفتاح الموجود-الإنساني على العالم»،
58
अज्ञात पृष्ठ