إلا على قدر عزائمهم واهتمامهم فأحرى أن لا يحصل أمر الأخرى إلا بأشد عزيمة وأجمع اهتمام، فلا يقرأ القرآن من لم يقبل عليه بكلية ظاهره ويجمع اهتمامه له بكلية باطنه
﴿وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلًا لكل شيء﴾ [الأعراف: ١٤٥] فخذها بقوة ﴿يا يحيى خذ الكتاب بقوة﴾ [مريم: ١٣] ﴿فاستقم كما أمرت ومن تاب معك﴾ [هود: ١١٢] فشرط منال قراءته اهتمام القلب بتفهمه وإقبال الحس على استماعه وتدبره؛ ولكل حرف شرط يخصه - انتهى.
ولما أقام سبحانه دلائل التوحيد والنبوة والمعاد أولًا وعقبها بذكر الإنعامات العامة داعيًا للناس عامة لا سيما بني إسماعيل العرب الذين هم قوم الداعي ﷺ وكان أحق من دُعِي بعد الأقارب وأولاه بالتقدم أهل العلم الذين كانوا على حق فزاغوا عنه ولا سيما إن كانت لهم قرابة لأنهم جديرون بالمبادرة إلى الإجابة بأدنى بيان وأيسر تذكير، فإن رجعوا اقتدى بهم الجاهل فسهل أمره وانحسم شره، وإن لم يرجعوا طال جدالهم فبان للجاهل ضلالهم فكان جديرًا بالرجوع والكف عن غيه والنزوع، وعرفت من تمادي الكلام معهم الأحكام وبان الحلال والحرام؛ فلذلك لما فرغ من دعوة العرب الجامعة لغيرهم باختصار وختم بأن وعد في