الدّين قد ذهب إِلَى مثل ذَلِك، وَمَشى على أَن الحَدِيث غير مَوْضُوع، وَإِنَّمَا هُوَ ضَعِيف فَقَط، وَذكر لَهُ الأبيات الثَّلَاثَة الَّتِي ذكرهَا ابْن نَاصِر الدّين فِي كِتَابه الْمُسَمّى " مورد الصادي فِي مولد الْهَادِي ". قَالَ كَاتب المطالعة: فَسلم حِينَئِذٍ لما سمع كَلَام شَيْخه وَالثَّانِي أَنه رأى فِي " ألفيتي " الَّتِي " فِي الحَدِيث ": مُحَمَّد بن أتش الصَّنْعَانِيّ " بِالتَّاءِ والشين بِلَا تواني ". فَقَالَ: هَذِه رِوَايَة ضَعِيفَة فِي بعض نسخ البُخَارِيّ، وَالصَّحِيح أَنه مُحَمَّد بن أنس بالنُّون وَالسِّين. قَالَ كَاتب المطالعة: فَقلت لذَلِك الطَّالِب: الْحق مَا ذكره فلَان، يُرِيدنِي قَالَ: وَقد ذكر ذَلِك ابْن الْجَوْزِيّ فِي " التَّنْقِيح ". ثمَّ قَالَ: أَنا اذْهَبْ إِلَيْهِ وأذكر لَهُ ذَلِك. فَذَهَبت مَعَه. فَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدي اعترضتم على فلَان بِكَذَا وَكَذَا. قَالَ: نعم. قَالَ فَإِن ابْن الْجَوْزِيّ قد ذكر هَذَا بِعَيْنِه فِي " التَّنْقِيح " وَأرَاهُ لَهُ. فَقَالَ النَّاجِي: يَنْبَغِي أَن نصلح نسختنا من البُخَارِيّ. انْتهى.
قلت: وَهَذَا مِنْهُ دَلِيل على عدم حفظه وتحقيقه، فَإِن مُحَمَّد بن أنس الَّذِي فِي البُخَارِيّ الصَّحِيح فِيهِ أَنه بالنُّون وَالسِّين كَمَا ذكر أَو لَا فِي أعتراضه، وَلَيْسَ هُوَ الصَّنْعَانِيّ الَّذِي ذكرته فِي الألفية، بل هُوَ رجل آخر غَيره. وَلَو تَأمل نفس الألفية عرف ذَلِك مِنْهَا. فَإِنِّي ذكرت فِيهَا مَا يتَعَلَّق بِصَحِيح البُخَارِيّ وَحده وَمَا يتَعَلَّق بِغَيْرِهِ. فَإِذا لم يهتد لذَلِك، فَكَانَ يَهْتَدِي إِلَيْهِ فِي قولي الصَّنْعَانِيّ. فَإِن مُحَمَّد بن إتش الصَّنْعَانِيّ لَا رِوَايَة لَهُ فِي البُخَارِيّ، وَهُوَ بِالتَّاءِ والشين بِإِجْمَاع أهل الحَدِيث، لَا خلاف بَينهم فِي ذَلِك. وَلِهَذَا أَشرت إِلَى عدم الْخلاف فِيهِ بِقَوْلِي: " بِلَا تواني ". وَأما الَّذِي فِي البُخَارِيّ فَهُوَ مُحَمَّد بن أنس الْكُوفِي. وَفِيه الْخلاف. فبعضهم قَالَ: هُوَ بِالتَّاءِ والشين كالصنعاني، وَالْجُمْهُور قَالُوا هُوَ بالنُّون وَالسِّين كالجادة، وَهُوَ الصَّحِيح. وَقد بَين ذَلِك حَافظ الْعَصْر أَبُو الْفضل ابْن حجر فِي كِتَابه " المشتبه " وَفِي " مُقَدّمَة شرح البُخَارِيّ ". انْتهى. مَاتَ النَّاجِي فِي رَمَضَان سنة تِسْعمائَة.
1 / 28