विकास का सिद्धांत और मानव की उत्पत्ति
نظرية التطور وأصل الإنسان
शैलियों
وبعض هذه الإشارات يعم معناه جميع الأمم؛ كهز الرأس ذات اليمين وذات اليسار لمعنى النفي، وبعض ما يتفاهم به المتوحشون الآن نتفاهم به نحن مع الخرس؛ مثل التعبير عن الركوب بوضع سبابة اليد اليسرى تحت اليد اليمنى في الفرجة التي بين السبابة الوسطى.
وسبيلنا إلى معرفة أصل اللغة أن ندرس لغات القردة الحاضرة، ولغة الطفل، ونقابل اللغات الشائعة والقديمة لنرى وجه الاتصال بينها، ولم يدرس واحد من هذه الشئون درسا تاما أو مرضيا للآن، غير أننا نعرف أننا نشترك والقردة العليا في لفظة «كخ» التي تقال لزجر الطفل عن شيء، وهذه اللفظة موجودة للآن في جميع اللغات، ونعرف أن لفظتي الأب والأم هما (با) و(ما) اللتان ينطق بهما الطفل في عامه الأول، وأن إشارة النفي التي نفهمها من هز الرأس قد نشأت من محاولة الطفل رفض شيء تريد أمه أن تضعه في فمه، ونعرف أيضا أن هناك بضعة كلمات يشترك فيها الإنجليزي الحاضر والمصري القديم، ثم الألماني المتحضر والأسترالي المتوحش، ثم زنوج إفريقيا والأوربيون، مما يدل على أن اللغات قد تطورت من أصل واحد أو عن عدة أصول قليلة.
وقد كانت النار عاملا قويا في تنشئة اللغات وإيجاد الكلمات؛ لأنها كانت تجمع النساء حولها فيأخذن في القيل والقال كما هو شأنهن الآن، وكانت النار أيضا تجعل السهر في الليل ممكنا، وعندئذ لا يمكن التفاهم بالإشارات، فيصبح اختراع الكلمات ضرورة لازمة.
ولا شك في أن محاكاة الصوت المسموع كان أصلا مهما في اختراع الألفاظ، وكان الإنسان الأول يعتمد عليه كثيرا في التعبير عن أفكاره، وما زلنا للآن نرى ذلك الأصل في ألفاظ خرير المياه واصطكاك الأسنان وصرير الباب وحفيف الأوراق وعواء الذئب وهدير الرعد، وكذلك في المطر والرعد وفوات القدر وإصفاق الأمواج وما إلى ذلك.
ولغتنا العربية غنية بالاشتقاق، مما يدل على أنه كان كثير الشيوع قديما؛ فقد عرف الإنسان النار فاشتق منها النور والنهار، وكان يعبر عن الضخامة والكبر بلفظة قديمة لا بد أنها انقرضت وبقي عندنا منها عدة ألفاظ قريبة في النطق والمعنى، مثل جل وكل وجبل وجمل ولج وجلل.
ولا بد أيضا أنه كان للاستعارة والمجاز شأن عظيم أيضا في تأليف اللغات، وعندنا في «أساس البلاغة» الذي وضعه الزمخشري ما يثبت عظم المدى الذي قطعه الإنسان عن هذا السبيل في تأليف اللغات.
وربما كان أشق ما نال الإنسان في تأليف الكلمات وأعنته إعناتا عظيما مسألة الأرقام؛ فقد يمكن أن يكون عند الأستراليون نحو خمس مئة لفظة تدل على ما حولهم من الأشياء ولكن ليس عندهم سوى لفظتين اثنتين للأرقام؛ وهما واحد واثنان، أما الثلاثة فهي اثنان وواحد، والأربعة اثنان واثنان، وما زاد على ذلك فهو «كثير».
وقد كان للغة أثر كبير في زيادة الفهم في الإنسان؛ لأن التفاعل دائم بين اللسان والدماغ، لا يرتقي الواحد إلا بارتقاء الآخر؛ فالمعنى يتحدد ويتضح إذا أحسن اللسان التعبير عنه باللفظ، وهكذا كانت اللغة مثل اليد، إحدى وسائل سيادة الإنسان، وقد استطاعت اللغة أن تجعل الزمن تاريخيا والفضاء جغرافيا، وبهذا نشأت الثقافة البشرية.
واللغة تعود إلى الاجتماع والإنتاج المشترك، فلو أن الإنسان كان يعيش منفردا لما احتاج إلى اللغة؛ إذ مع من يتفاهم؟!
فالإنسان، حين ترك الإقامة على الشجر وصار يجتمع مع أقرانه للصيد، صار يتفاهم مع هؤلاء الأقران بالإشارة أولا، ثم باللغة ثانيا.
अज्ञात पृष्ठ