विकास का सिद्धांत और मानव की उत्पत्ति
نظرية التطور وأصل الإنسان
शैलियों
ويحسن بالقارئ أن ينعم نظره في الفهرست أولا، ثم يقرأ الفصول على ترتيبها بحيث تتم الصورة في ذهنه غير مشوشة بتقديم فصل على آخر، ويحسن أيضا بمن يريد التوسع في النظرية أن يقرأ «مختارات سلامة موسى» و«اليوم والغد» ففيهما عدة فصول عن التطور قد عولجت بإسهاب.
مقدمة الطبعة الثانية
بقلم سلامة موسى
1953
رأى صديقي الأستاذ إلياس أنطون إلياس، بعد أن نفدت الطبعة الأولى من هذا الكتاب، أن يعيد طبعه، وطلب إلي أن أراجعه قصد الإضافة أو الحذف أو التنقيح، وقد قمت بهذا الواجب، فزدت في الصور الموضحة، كما زدت فصولا جديدة، وفي بعض الفصول عمدت إلى تنقيح العبارة بما يجلو غوامضها، كما شرحت ما كان موجزا في الطبعة السابقة.
وفي هذه الطبعة الثانية التفت إلى نقطتين لم أوفهما حقهما في الطبعة الأولى؛ وهما: (1)
تأكيد قيمة النظر في تطور الإنسان دون سائر الحواس التي تقهقرت حتى إن بعضها أوشك على الزوال؛ مثل الشم، فإن التفوق العقلي الذي نمتاز به إنما هو عقل العين التي جعلتنا نرى الأشياء رؤية كليدسكوبية متجسمة وليس رؤية فتوغرافية مرسومة؛ وذلك لأن نافذتنا إلى الدنيا هي العين التي تجعل تفكيرنا إلى حد بعيد موضوعيا مستقلا عن تأثير عواطفنا، ولو كانت نافذتنا إلى الدنيا هي الأنف أو الأذن أو اللسان لقصر إدراكنا قصورا عظيما، ولأصبح تفكيرنا ذاتيا لا ينقل صورة الدنيا على حقيقتها إلى عقولنا، بل يحرك عواطفنا فقط؛ ذلك لأن العقل العيني هو عقل منطقي موضوعي إلى حد كبير، في حين أن العقل الأنفي أو الأذني هو عقل ذاتي عاطفي، وهذا امتياز عظيم لنا على الحيوان. (2)
والنقطة الثانية التي أردت تأكيدها في هذه الطبعة الثانية هي قيمة اللغة في سيادة الإنسان على الطبيعة، وعلى سائر الحيوانات التي كانت تزاحمه على قدم المساواة تقريبا قبل اختراع اللغة؛ ذلك أن الكلمات هي أدوات التفكير التي حرم منها الحيوان، ونحن نجمع هذه الأدوات منذ أكثر من خمسين أو مئة ألف سنة، فلم نسم الأشياء فقط، بل اخترعنا أسماء العلاقات التي ما كان يمكن للإنسان فهمها لولا الكلمات؛ فكلمات الصدق والحب والكراهية والفهم والسخاء والبخل والمجد والشرف والظلم والعدل ونحوها، إنما هي كلمات تدل على علاقات بشرية بين شخص وآخر، وباختراع الكلمات لهذه العلاقات أصبح المجتمع البشري مستطاعا، وهذا أعظم نقص تعانيه القردة العليا.
فالعين واللغة هما أعظم العوامل للارتقاء البشري على الحيوان، وأرجو القارئ لهذا السبب أن يعذرني لإسهابي في هذا الموضوع في بعض فصول الكتاب.
ولو كانت لغتنا تساير اللغات المتمدنة المتطورة لكانت كتب داروين في متناول القراء العرب منذ ثمانين سنة، ولكن لغتنا - للأسف - لا تزال بدوية، تلتزم الخيام وتقنع بالعيش في الوبر، وتحلم بالغيبيات، في حين تعيش اللغات العصرية عيشة الترف والبذخ بالعلوم والفلسفات الجريئة؛ ولذلك تجد أنه في هذا الوقت الذي يؤلف فيه الأوربيون الكتب، يرسمون فيها خارطة المستقبل، ويتسلطون فيها على القدر، يعمد كتابنا إلى التأليف عن الماضي، ويحاولون أن يبعثوا الحياة في رفات التاريخ! والمتأمل لهذا الكوكب يجد أمما متطورة قد كتبت لنفسها البقاء بالتطور، وأمما أخرى جامدة قد كتب عليها الفناء بالجمود والتزام التقاليد.
अज्ञात पृष्ठ