ज्ञान का सिद्धांत और मानव की प्राकृतिक स्थिति
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
शैलियों
وهكذا فبينما يعتقد الإنسان في موقفه الطبيعي أنه يدرك أشياء خارجية مستقلة، يؤكد له هيوم أنه لا يدرك إلا انطباعات وأفكار ماثلة للذهن، وأن هذه هي الموضوع الوحيد لمعرفتنا، وهنا نرى لزاما علينا أن نثير عددا من الأسئلة قبل أن نستمر في عرض حجج هيوم في هذه المسألة: (1)
لماذا استخدم هيوم تعبير «القصر
Restriction » الذي كان يقول فيه: «إننا لا ندرك إلا ...»؟ إن هذا التعبير معناه أن هيوم يجعل لإدراكنا موضوعات أضيق نطاقا مما يظن الإنسان في موقفه الطبيعي، والدليل على ذلك قوله في النص السابق: إننا لا ندرك سوى ما يبدو «في هذا النطاق الضيق»، ولكن المسألة في حقيقتها ليست مسألة اختلاف في نطاق الإدراك، وإنما في تفسير طبيعته، فالإدراك يظل كما هو على الدوام، ولا يطرأ عليه أي نقص أو تحديد لآراء هيوم، وكل ما تؤدي إليه هذه الآراء هو تفسير مخالف لطبيعة هذا الإدراك، لا تحديد لنطاقه. (2)
يؤكد هيوم أننا لن نتقدم - مهما فعلنا - خطوة واحدة خارج «أنفسنا»، فهل فكر لحظة واحدة في معنى كلمة «خارج أنفسنا» هذه؟ أولا: ما هو المقصود بكلمة «أنفسنا» في هذه الحالة؟ هل يقصد الحيز المكاني الذي يشغله الشخص بوصفه كائنا ماديا له مكان؟ ألن يكون في هذا المعنى تناقض واضح؟ أم يقصد «أنفسنا» من حيث إننا أذهان ذات وجه غير مادي؟ وفي هذه الحالة هل يكون للفظي «خارج» أو «داخل» أي معنى؟ وأخيرا، فإن هيوم يؤكد أن كل إدراكاتنا توجد «داخل» أنفسنا لا خارجها، فهل يمكن أن يعقل وجود «داخل» دون «خارج»، وهل يمكن أن يفهم معنى أحد هذين المتضايفين دون الآخر، وإذا كان كل شيء داخل الذات، فهل يعود لكلمة «داخل» معنى إذا كانت تنطبق على كل شيء؟ (3)
هناك نوع من الإدراكات تبعثه الذات تلقائيا من داخلها كلما أرادت ذلك كالتخيلات بأنواعها، فما الذي يفرق بين هذا النوع وبين تلك الإدراكات التي ننسبها عادة إلى موجود خارجي، أي الانطباعات الحسية؟ إن هيوم - كما قلنا - يعترف بعجزه عن تفسير أصل الانطباعات الحسية، ولكنه يرى في الوقت ذاته أن مسألة الأصل هذه ليست بذات أهمية كبرى؛ لأن ترابط الإدراكات الحسية يكفي وحده لكي يجعلنا نستخلص النتائج اللازمة في أبحاثنا، بغض النظر عن صحة هذه الإدراكات أو بطلانها، ومعنى ذلك أن مسألة صحة المدركات أو بطلانها ستكون معلقة، ولا بد أن تظل كذلك طالما كان هذا هو المنهج المتبع، وإن المرء ليستشف من وراء القول بعدم أهمية التمييز بين الصحة والبطلان بالنسبة إلى أغراض البحث، اعترافا ضمنيا باستحالة تقديم معيار لهذا التمييز في حدود المنهج المتبع.
في ضوء كل هذه المقدمات يخوض هيوم مسألة تعليل الاعتقاد «الطبيعي» بوجود أشياء خارجية لها وجود «مستمر» و«متميز» عن وجود الذهن، وهو اعتقاد يراه باطلا من أساسه؛ إذ إن ما نظن أنه وجود خارجي لا يمكن أن يختلف في النوع عن إدراكاتنا، فهيوم يبدأ بافتراض أن «الانطباع» هو الحقيقة الأساسية، ولما كان الانطباع متوقفا على الذات ومقترنا بممارستها ملكاتها الواعية، فإنه يتساءل بعد ذلك: كيف نشأ لدينا الاعتقاد بوجود حقيقة أخرى من وراء هذا الانطباع ومسببة له، هي حقيقة «الأشياء» الخارجية التي نفترض أنها مستمرة في الوجود ومستقلة عن الذات؟
هذا الاعتقاد لا يمكن أن ينشأ عن الحواس؛ لأن الحواس تنقل إلينا إدراكا واحدا هو الانطباع، ولا بد للاستدلال على ما وراء هذا الانطباع من تجاوز الحواس عن طريق العقل أو المخيلة، فالحواس تقتصر على ما هو «معطى»، ولا تستطيع أن تقوم بالمقارنة اللازمة للاستدلال على استمرار وجود هذا المعطى أو استقلاله عن الذات.
كذلك لا يمكن أن يكون أساس هذا الاعتقاد هو العقل؛ لأن عمل العقل ينحصر في الإتيان بحجج منطقية أو فلسفية، وحتى لو استطاع العقل ذلك، فسيظل الاقتناع بهذه الحجج مقتصرا على فئة قليلة من الناس، فكيف إذن نعلل شيوع هذا الاعتقاد لدى جمهرة الناس دون قيامه لديهم على أي أساس فلسفي؟
لا بد إذن أن يكون هذا الاعتقاد قائما على تدخل «المخيلة»، ولا بد أن بعض الانطباعات يتميز بصفات خاصة تمتزج بالمخيلة على النحو الذي يؤدي بنا إلى الاعتقاد بأن لها وجودا مستمرا ومستقلا، فما هي هذه الصفات؟ إنها ليست صفة كونها غير إرادية، أو كونها شديدة القوة والحيوية؛ لأن الانفعالات والآلام قد تتوافر فيها هذه الصفات دون أن نعتقد أنها خارجية.
13
अज्ञात पृष्ठ