ज्ञान का सिद्धांत और मानव की प्राकृतिक स्थिति
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
शैलियों
هذا النص يظهر بوضوح الطابع «اللاأدري» لمثالية «كانت»: فهي مثالية تستطيع أن تؤكد شيئا واحدا: هو أن الأشياء كما تبدو لنا «ظواهر»، أما ما وراء هذه الظواهر، فذلك هو المجهول الذي لا تذكر تلك المثالية أي شيء عنه، وينبغي أن نلاحظ هنا وجود تناقض بين قضيتين متلاحقتين عند «كانت»: أولاهما هي القائلة إن مظهر الأشياء كما ندركها «مختلف» لدينا تماما، فإذا صحت القضية الثانية، فإن هذا لا يعني صحة الأولى على الإطلاق، وينبغي أن يمتنع الفيلسوف - إذا كان «لاأدريا» على هذا النحو - عن إصدار أي حكم إيجابي على طبيعة الأشياء في ذاتها، كالقول: إنها «مختلفة» عن الظواهر؛ ذلك لأن هناك عدة احتمالات منطقية عن العلاقة بين الظواهر والأشياء في ذاتها، ضمنها احتمال كونها «مماثلة» للظواهر، وطالما أننا نفرق بين الظواهر والأشياء في ذاتها مثل هذه التفرقة القاطعة، ونؤكد أن الثانية «مجهولة تماما»، فمن الواجب أن نعمل حساب ذلك الاحتمال الذي تكون فيه الأشياء في ذاتها مماثلة لظواهرها، وهو احتمال يظل قائما طالما أن الأشياء في ذاتها «مجهولة».
مثل هذه التفرقة بين الظواهر والأشياء في ذاتها هي مظهر من مظاهر خروج المثالية عن الموقف الطبيعي، وهو مظهر أطلق عليه «كانت» اسم «المثالية النقدية»، والفارق بين المثالية النقدية وبين مثالية باركلي «المادية» - من وجهة نظر الموقف الطبيعي - يتمثل في فكرة «الشيء في ذاته» هذه، فباركلي و«كانت» متفقان على أن الوجه المدرك للأشياء يرجع إلى مجرد إدراك الذات له عند الأول، أو «طريقتها» في إدراكه عند الثاني، غير أن «كانت» يفترض من وراء هذا الوجه المدرك طبيعة أخرى «مجهولة» هي التي تمثل الأشياء «كما هي في حقيقتها»، وهذا الوجه بطبيعته مخالف تماما لما ندركه من الأشياء في الموقف الطبيعي، أي إننا نستطيع في الواقع أن نقول: إن «كانت» قد خالف الموقف الطبيعي مرتين: مرة حين أكد أن الوجه المدرك للأشياء راجع إلى الذات، ولا يمثل صفات موضوعية، ومرة حين أكد أن ما ندركه من الأشياء لا يستوعب كل ما فيها، بل إن لها طبيعة كامنة مخالفة لما ندركه، والقولان - كما هو واضح - مرتبطان في فلسفته ارتباطا وثيقا.
وعلى الرغم من محاولات خلفاء «كانت» من المثاليين أن يخلصوا مذهبه من هذه «الزائدة» التي لا تجلب لمذهبه إلا المرض - أي الشيء في ذاته - فلا شك في أن موقع الفكرة من مذهبه ليس عرضيا على الإطلاق، «فكانت» أراد أن يكون منطقيا مع نفسه؛ إذ وضع في مقابل الظواهر أشياء في ذاتها، ولنصور الأمر على هذا النحو: فمن المحال أن يعترف الفيلسوف المثالي بأن الأشياء كما ندركها هي «أشياء في ذاتها»؛ لأنه لو فعل ذلك لرجع إلى الموقف الطبيعي، وإذن فلا بد له أن يقول بطبيعة أخرى لها، ومن هنا أسماها «كانت» باسم «الظواهر»، غير أن كلمة «الظواهر» لا بد أن يكون لها متضايف؛ إذ إننا سنظل دائما نتساءل: لأي شيء هي ظواهر؟ وهكذا تظهر ضرورة القول بالأشياء في ذاتها بالنسبة إلى كل مذهب يقول بالظواهر، وقد شرح «كانت» نفسه هذه الضرورة بقوله: «إن مجرد اعتراف الذهن بالظواهر، هو اعتراف بوجود أشياء في ذاتها، وهكذا يمكننا أن نقول: إن تمثل هذه الأشياء التي تستخدم أساسا للظواهر، أي الكائنات العقلية الخالصة، ليس مقبولا فحسب، بل لا مفر منه.»
19
بل إن الارتباط الضروري بين معرفتنا وبين إمكان التجربة البشرية، يجعل من الممتنع استخدام تصوراتنا على نحو لا تعود فيه ممكنة للتجربة، «ولكن الأكثر من ذلك امتناعا - من جهة أخرى - ألا نعترف بأشياء في ذاتها، أو أن ننظر إلى تجربتنا على أنها الطريقة الوحيدة الممكنة لمعرفة الأشياء، وبالتالي إلى حدسنا في المكان والزمان على أنه هو الحدس الوحيد الممكن، وإلى ذهننا المقالي
discursive
على أنه أنموذج كل ذهن ممكن، أي أن ننظر إلى مبادئ إمكان التجربة على أنها شروط مماثلة لأشياء في ذاتها.»
20
وهنا يقدم «كانت» مبررا آخر لفكرة الأشياء في ذاتها، ويتخذ هذا المبرر شكل الموضوعية الفكرية التي تحتم علينا ألا نتصور طريقتنا في معرفة الأشياء على أنها هي الطريقة الوحيدة الممكنة، بل تجعلنا نعترف بإمكان وجود تجارب أخرى وحدوس أخرى وأذهان أخرى. «ولكن على أي نحو نتصور هذا الشيء في ذاته؟ هل نتصوره على أنه ما لا يمكن أن يكون موضوعا لحدسنا الحسي؟ أم على أنه ما هو موضوع لحدس غير حسي؟ يبدو أن «كانت» - مع تفرقته بين هذين الوجهين: السلبي والإيجابي، للشيء في ذاته - ينتهي إلى أن يقف موقفا «لا أدريا»، لا يجزم بشيء إثباتا أو نفيا، ويكتفي بوصف الشيء في ذاته بأنه «تصور تحديدي»، أي تصور يوضح الحدود التي لا تستطيع تجربتنا أن تتعداها.»
21
अज्ञात पृष्ठ