[النذر واليمين والفرق بينهما]
كان العقد مطلقا لأن العقد تضمن ذلك.
فأما إذا شرط عليه أنه لا يفعل ذلك فلم يعقد له البائع والمرأة
على ذلك فلم يملكه فلم يكن ذلك مباحا له فلم يتضمن الشرط تحريم حلال في هذا العقد ولكن ما كان حلالا له بدون العقد وهو ترك السفر وإعارة المنافع فقد يجب بالعقد فإن جميع ما يشترطه المتعاقدان هو من هذا الباب وأما تحريم ما أحله الله فهو أمر لا يقربه إلى الله ولا ينتفع هو به في دينه ولا دنياه فلا للرب فيه رضا ولا للمخلوق به منفعة فلهذا لم يصح اشتراطه وكل شرط لا يرضي الرب ولا ينتفع به المخلوق فهو باطل في جميع العقود كما أبطلنا على الصحيح في الوقف والوصية الشروط التي لا ينتفع بها المخلوق ولا تقرب إلى الله تعالى.
ولا فرق في التحريم بين أن يكون بيمين أو بنذر.
وأما الإيجاب فاليمين لا يوجب شيئا بخلاف النذر فإنه يوجب فعل الطاعات.
والفرق بينهما أن الناذر قصده أن يتقرب إلى الله تعالى فإذا التزم لله قربة لزمته لأن ذلك ينفعه في دينه وهو بدون النذر لم يكن يفعل ذلك فصار النذر ملزما له ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن النذر لا يأتي بخير ولكن يستخرج به من البخيل فإنه يعطي على النذر ما لا يعطي على غيره».
وصار مثلما يجب في المعاوضات من إعطاء الأموال ما لا يجب في غيرها والبخيل لا يعطي إلا بعوض.
وأما اليمين فليس قصده فيها التقرب إلى الله إنما قصده حض نفسه أو منعها أو حض غيره أو منعه فالمقصود بها أن يحلف بالله على بلوغ غرضه ومراده سواء كان طاعة أو معصية ولهذا لم يوجب الله عليه شيئا لأن الله لا يوجب على الإنسان أن يفعل ما يشتهيه ويريده إذا لم يرده الله فإن كان الحالف ناذرا كقوله {9: 75 - 76 ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن
पृष्ठ 25