[أقوال الفقهاء في المعقود عليه في النكاح]
ومع هذا فقد أبطل الله ما كان عليه أهل الجاهلية من إرث الأبضاع بقوله تعالى {4: 19 يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
وكانوا في الجاهلية إذا مات الرجل خلف وليه الوارث على امرأته فإما أن يتزوجها وإما أن يزوجها لغيره ويأخذ صداقها فكان البضع عندهم يورث ويباع فأبطل الله تعالى ذلك ولم يجعل للزوج أن يملك منه إلا مجرد انتفاعه به في حياته فقط ولهذا تكلم الفقهاء في المعقود عليه في النكاح هل هو ملك البضع أو حل الانتفاع أو العقد نفسه من جنس المشاركة التي يعبر عنها بالازدواج لا من جنس المعاوضات؟
وذلك لأنه لا يماثل من كل وجه عقد البيع ولا عقد الإجارة ولا استحقاق الزوج الانتفاع بالبضع كاستحقاقه للانتفاع بالمال المشترى والمنافع المستأجرة فإن تلك يملك المعاوضة عليها واستيفاء منفعتها بوكيله ونائبه وتوهب وتورث وهنا بدنه معقود عليه فلا يملك أن يستوفي منفعة البضع إلا ببدن نفسه لا يقبل نيابة ولا معاوضة ولا إرثا والرجل يملك من المرأة ما لا تملكه المرأة من الرجل لأنه يملك الاستمتاع بها متى شاء ما لم يضر بها ويملك حبسها وإمساكها فالطلاق بيده لا بيدها والاستحقاق المطلق للانتفاع له لا لها فلهذا وجب عليه المهر بإزاء ملك الجنس ووجبت عليه النفقة بإزاء تمكينها له من الوطء فوجب عليه حقان في ماله بإزاء حقين يختص هو باستحقاقهما دون المرأة.
إذ لو كانت المرأة تملك ما يملك الرجل لم يختص هو بوجوب المال دونها قال الله تعالى {4: 34 الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} فبين سبحانه أن كون الرجل قيما على المرأة هو لاختصاصه بأمر في نفسه بما فضل الله الذكور على الإناث وفي ماله بما أنفقه من المهر والرزق.
पृष्ठ 186