وأيضا ففي نفس الشرائع الأمر والنهي والحلال والحرام اليهود حرمت عليهم الطيبات وغلظ عليهم الأمر في النجاسات حتى أن المرأة الحائض لا يستقرون معها في بيت ولا يؤاكلونها وحتى كان البول إذا صاب ثوب أحدهم قرضه فلم يمكن عندهم إزالة النجاسة والنصارى لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يأمرون بطهارة بل يتعبد الراهب عندهم بترك الطهارة فلا يغتسل من جنابة ولا يزيل نجاسة ولا يتطيب من وسخ وكلما كان أقرب إلى الخبائث والنجاسات كان أعبد عندهم ولهذا يقترن بعبادهم الشياطين فإن الخبائث والنجاسات هي مناسبة للشياطين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن هذه الحشوش محتضرة» وكما روي «أن الحمام بيت الشيطان» وهم في المأكل يقولون أو من يقول منهم ما بين البعوضة إلى الفيل حلال كل ما شئت ودع ما شئت.
وكذلك في الأمر اليهود قد جمدوا على ما يزعمون أنهم مأمورون به لا يقبلون دينا غيره مع أنهم مخالفون له كما قال تعالى {2: 91 وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين} والنصارى يتبعون كل من وضع لهم شرعا ويزعمون أن ما أمر به رؤساءهم فالله أمرهم به وما نهوهم عنه فالله نهاهم عنه كما قال تعالى {9: 31 اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} وفي حديث عدي بن حاتم «قلت يا رسول الله ما عبدوهم فقال بلى أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فتلك عبادتهم إياهم» وكذلك قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ولهذا قال الله تعالى عن النصارى {9: 29 ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق}.
والمسلمون يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يحرمون غير ذلك ويدينون بما أمر الله ورسوله ولا يدينون بغير ذلك فلا حرام عندهم إلا ما حرمه الله ورسوله ولا دين عندهم إلا ما شرعه الله ورسوله.
والمشركون شر من اليهود والنصارى ولهذا وصفهم الله تعالى في
पृष्ठ 12