لا يلوي على أحد، ولا يلوى عليه أحد، وكلانا يبرز لصاحبه في ظلمة الليل فيسايره ويناجيه، يراني الرائي فيحسبني سعيدًا لأنه يغتر بابتسامة في ثغري، وطلاقة في وجهي، ولو كُشف له عن نفسي، ورأى ما تنطوي عليه من الهموم والأحزان، لبكى لي بكاء الحزين إثْر الحزين، ويراك الرائي فيحسبك مغتبطًا مسرورًا؛ لأنه يغتر بجمال وجهك، ولمعان جبينك، وصفاء أديمك، ولو كشف له عن عالمك لرآه عالمًا خرابًا، وكونا يبابًا، لا تهب فيه ريح، ولا يتحرك شجر، ولا ينطق إنسان، ولا يبغم حيوان.
أيها القمر المنير:
كان لي حبيب يملأ نفسي نورًا، وقلبي لذة وسرورًا، وطالما كنت أناجيه ويناجيني بين سمعك وبصرك، وقد فرق الدهر بيني وبينه، فهل لك أن تحدثني عنه وتكشف لي عن مكان وجوده، فربما كان ينظر إليك نظري، ويناجيك مناجاتي، ويرجوك رجائي، وهائنذا كأني أرى صورته في مرآتك، وكأني أراه يبكي من أجلي كما أبكي من أجله، فأزداد شوقًا إليه، وحزنًا عليه.
أيها القمر المنير:
ما لي أراك تنحدر قليلا قليلا إلى الغروب كأنك تريد أن
1 / 68