مفرج إلا إذا استقطر ماء وجهي إلى القطرة الأخيرة منه؛ ليأخذ أكثر مما أعطى، ويسلب فوق ما وهب، ووجدت في طريق حياتي من خالطني مخالطة الزائر للمزور حتى أمكنته الفرصة، فسرق مالي بعد ما تحرم بطعامي وشرابي، ومن كان يتردد وجهه في وجهي، فأكره أن أرده بالأمل الخائب، فلما عجزت عن ذلك مرة أضمر لي في قلبه من الشر ما لا يضمر مثله الرجل إلا لمن يغلبه على تراث أبيه وأمه، أو يخضِّب لحيته من دم مفرقه، ومن نصب١ لي وغَرِيَ بمحادَّتي ومماظَّتي٢ لأنه كان يحمل في رأسه فتكة لم يجد في طريقه من يحملها عنه، ويستخذي له فيها سواي، ومن أخذ نفسه بالنيل مني والغض من شأني؛ لأنه كان يشكو الخمول والضعة، وكان لا بد له من أن يكون نابها مذكورًا، فاتفق له أن رأي عاتقي بين يديه فظن أنه أعلى العواتق وأبعدها مذهبا في جو السماء فعلاه ليشرف منه على الناس، فيعرفوا مكانه، فوالله ما تحلحلت ولا نبوت به بقيا عليه، وضنا به أن يسقط سقطة لا يئل منها، ومن كان لا يكبر شأني إلا إذ اتقاني فإذا أضاء ما بيني وبينه كنت في عينه أصغر منه
_________
١ نصب فلان لفلان عاداه.
٢ المماظة المخاصمة والمشارة.
1 / 28