وَالْفِقْه هُوَ انكشاف الغطاء عَن الْأُمُور فَإِذا عبد الله بِمَا أَمر وَنهى بعد أَن فهمه وعقله وانكشف لَهُ الغطاء عَن تَدْبيره فِيمَا أَمر وَنهى فَهِيَ الْعِبَادَة الْخَالِصَة الْمَحْضَة وَذَلِكَ أَن الَّذِي يُؤمر بالشَّيْء فَلَا يرى زين ذَلِك الْأَمر وَينْهى عَن الشَّيْء فَلَا يرى شينه هُوَ فِي عمى من أمره فَإِذا رأى زين مَا أَمر بِهِ وشين مَا نهى عَنهُ عمل على بصيره وَكَانَ قلبه عَلَيْهِ أقوى وَنَفسه بِهِ أسخى وَحمد على ذَلِك وشكر وَالَّذِي يعمى عَن ذَلِك فَهُوَ جامد الْقلب كسلان الْجَوَارِح ثقيل النَّفس بطيء التَّصَرُّف وَالْفِقْه مُشْتَقّ من تفقؤ الشَّيْء يُقَال فِي اللُّغَة فَقَأَ الشَّيْء إِذا انْفَتح وفقأ الْجرْح إِذا انفرج عَمَّا اندمل وَالِاسْم فقيء وَالْهَاء والهمزة تبدلان تجزي إِحْدَاهمَا عَن الْأُخْرَى فَقيل فقيء وفقيه والفهم هُوَ الْعَارِض الَّذِي يعرض فِي الْقلب من النُّور فَإِذا عرض انْفَتح بصر الْقلب فَرَأى صُورَة ذَلِك الشَّيْء فالانفتاح هُوَ الْفِقْه والعارض هُوَ الْفَهم وَقد ذكر الله تَعَالَى فِي تَنْزِيله الْفِقْه فَقَالَ ﴿لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا﴾
فَاعْلَم أَن الْفِقْه من عمل الْقلب وَقَالَ رَسُول الله ﷺ للإعرابي حِين قَرَأَ عَلَيْهِ ﴿فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره﴾ فولى وَقَالَ حسبي حسبي فَقَالَ ﷺ فقه الرجل
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء ﵁ إِنَّك لن تفقه حَتَّى ترى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا كَثِيرَة وان الله ﷿ كلف الْعباد أَن يعرفوه ثمَّ اقتضاهم بعد الْمعرفَة أَن يدينوا لَهُ فشرع لَهُم شَرِيعَة الْحَلَال وَالْحرَام وَالدّين هُوَ
1 / 136