فأف لدنيا لا يدوم نعيمها
تقلب تارات بنا وتصرف
فقال سعد: قاتل الله عدي بن زيد، كأنه ينظر إليها حيث يقول:
إن للدهر صولة فاحذرنها
لا تبيتن قد أمنت الدهورا
قد يبيت الفتى معافى فيرزا
ولقد كان آمنا مسرورا
فبينما هي واقفة بين يدي سعد؛ إذ دخل عمرو بن معدي كرب، وكان زوارا لأبيها في الجاهلية، فلما نظر إليها قال: أنت خرقاء؟ قالت: نعم. قال: فما دهمك، فأذهب بجودات شيمك؟ أين تتابع نعمتك وسطوة نقمتك؟ فقالت: يا عمرو، إن الدهر عثرات وعبرات تعثر بالملوك وأبنائهم فتفضحهم بعد رفعة، وتفردهم بعد منعة، وتذلهم بعد عز، إن هذا الأمر كنا ننتظره، فلما حل بنا لم ننكره. فأكرمها سعد وأحسن جائزتها، فلما أرادت فراقه قالت: حي أختك بتحيات ملوكنا، لا نزع الله من عبد صالح نعمة إلا جعلك سببا لردها عليه. ثم خرجت من عنده، فلقيها نساء المدينة فقلن لها: ما فعل بك الأمير؟ قالت: أكرم وجهي، وإنما يكرم الكريم كريم.
المتنبي وسيف الدولة
كان المتنبي يأبى شرب الخمر ويكرهه، فألزمه سيف الدولة بن حمدان، فشرب ذات ليلة عنده، فصدرت منه هفوة، وندم لوقته، فقام وانصرف، وبقي لا يحضر مجلسه، فأكثر في طلبه حتى حضر، فأمره بالشرب فامتنع، وأقسم أنه لا يشرب أبدا خمرا، وأنشد يقول:
अज्ञात पृष्ठ