فراق حبيب لم يبن وهو بائن
وما كنت أخشى أن تكون منيتي
بكفيك إلا أن ما حان حائن
فلما حملت إلى المدينة يئس قيس واشتد شوقه وزاد غرامه وأفضى به الحال إلى مرض ألزمه الوساد واختلال العقل واشتغال البال، فلام الناس أباه على سوء فعله، فجزع وندم وجعل يتلطف به، فلما آيس منه استشار قومه في دائه، فاتفقت آراؤهم على أن يذهب فيتصفح أحياء العرب عله يرى من تسليه عن حب لبنى، ففعل حتى نزل بحي من فزارة فرأى جارية قد حسرت عن وجهها اللثام وهي كالبدر حسنا، فسألها عن اسمها، فقالت: لبنى، فسقط مغشيا عليه، فارتاعت وقالت: إن لم تكن قيسا فمجنون، ونضحت على وجهه الماء، فلما أفاق استنسبته، فإذا هو قيس لبنى، وكان أمرهما اشتهر في العرب، وجاء أخوها فأخبرته فركب حتى استرده وأقسم عليه أن يقيم عنده شهرا، فأجاب دعوته.
ثم بلغ قيسا أن لبنى عاتبة عليه وعلى ما صدر منه، فندم قيس وسار وقد اشتد به الغرام حتى وصل محل قومها، فقالت له النساء: ما شأنك وقد رحلت مع زوجها؟ فلم يلتفت حتى أتى محل خبائها فتمرغ به وأنشد:
إلى الله أشكو فقد لبنى كما شكا
إلى الله فقد الوالدين يتيم
يتيم جفاه الأقربون فجسمه
نحيل وعهد الوالدين قديم
ولما عادت رآها فبهت صامتا ثم عاد، فأرسلت إليه مع امرأة لها تستخبر عنه فأنشد:
अज्ञात पृष्ठ