في هذا التربص، ولا جناح عليهم فيه. واما طعنهم قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله في تأمير اسامة مع ما وعوه ورأوه من النصوص قولا وفعلا على تأميره، فلم يكن منهم الا لحداثته، مع كونهم بين كهول وشيوخ، ونفوس الكهول والشيوخ تأبى - بجبلتها - ان تنقاد إلى الاحداث، وتنفر - بطبعها - من النزول على حكم الشبان، فكراهتهم لتأميره ليست بدعا منهم، وانما كانت على مقتضى الطبع البشري، والجبلة الادمية. وأما طلبهم عزل اسامة بعد وفاة الرسول، فقد اعتذر عنه بعض العلماء بأنهم ربما جوزوا ان يوافقهم الصديق على رجحان عزله، لاقتضاء المصلحة - بحسب نظرهم - لذلك. (قال): والانصاف انى لا اعرف وجها يقبله العقل في طلبهم عزله، بعد غضب النبي من طعنهم في تأميره، وخروجه بسبب ذلك محموما معصبا مدثرا منددا بهم في خطبته تلك على المنبر التى كانت من الوقائع التاريخية الشائعة بينهم، وقد سارت كل مسير، فوجه معذرتهم بعدها لا يعلمه الا الله تعالى. وأما عزمهم على الغاء البعث، واصرارهم على الصديق في ذلك مع ما رأوه من اهتمام النبي في انفاذه، وعنايته التامة في تعجيل ارساله، ونصوصه المتوالية في ذلك، فانما كان منهم احتياطا على عاصمة الاسلام ان يتخطفها المشركون من حولهم إذا خلت من القوة، وبعد عنها الجيش، وقد ظهر النفاق بموت النبي عليه السلام، وقويت نفوس اليهود والنصارى، وارتدت طوائف من العرب، ومنع الزكاة طوائف اخرى، فكلم الصحابة سيدنا الصديق في منع اسامة من السفر فأبى وقال: والله لان تخطفني الطير احب الي من أن ابدأ بشئ قبل انفاذ امر رسول الله صلى الله عليه وآله، هذا ما نقله اصحابنا عن الصديق، وأما غيره فمعذور فيما اراد من رد البعث، إذا لم يكن له مقصد
--- [39]
पृष्ठ 38