يلتمس منه بلسان الانصار ان يعزل أسامة ويولي غيره. هذا ولم يطل العهد منهم بغضب النبي وانزعاجه من طعنهم في تأمير أسامة، ولا بخروجه من بيته بسبب ذلك محموما ألما، معصبا مدثرا، يرسف في مشيته، ورجله لا تكاد تقله مما كان به من لغوب، فصعد المنبر وهو يتنفس الصعداء، ويعالج البرحاء، فقال: " أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة، لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله ان كان لخليقا بالامارة، وان ابنه من بعده لخليق بها " (53). فأكد صلى الله عليه وآله الحكم بالقسم وان، واسمية الجملة، ولام التأكيد ليقلعوا عما كانوا عليه فلم يقلعوا، لكن الخليفة أبى ان يجيبهم إلى عزل أسامة، كما أبى أن يجيبهم إلى الغاء البعث، ووثب فأخذ بلحية عمر (1) فقال: ثكلتك امك وعدمتك يا ابن الخطاب، استعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وتأمرني أن أنزعه ! " (54). ولما سيروا الجيش - وما كادوا يفعلون - خرج أسامة في ثلاثة آلاف مقاتل فيهم الف فرس (2) وتخلف عنه جماعة ممن عبأهم رسول الله صلى الله عليه وآله في
---
(53) كما تقدم تحت رقم - 49 -. (1) نقله الحلبي والدحلانى في سيرتهما، وابن جرير الطبري في أحداث سنة 11 من تاريخه، وغير واحد من أصحاب الاخبار (منه قدس). (54) بين أبى بكر وعمر: راجع: تاريخ الطبري ج 3 / 226، الكامل في التاريخ ج 2 / 335، السيرة الحلبية ج 3 / 209 وج 3 / 236 ط آخر، السيرة النبوية بهامش الحلبية ج 2 / 340. (2) فشن الغارة على أهل ابني فحرق منازلهم وقطع نخلهم وأجال الخيل في عرصاتهم وقتل من قتل منهم وأسر من أسر، وقتل يومئذ قاتل أبيه. ولم يقتل - والحمد لله رب العالمين - من المسلمين أحد. وكان اسامة يومئذ على فرس أبيه وشعارهم يا منصور =
--- [36]
पृष्ठ 35